المصريون يستقبلون العام الدراسي بخمسة إضرابات
الإخوان يخططون لجامعتهم الخاصّة
القاهرة ــ الزمان
تخطط جماعة الإخوان المسلمين في مصر لإنشاء المزيد من المدارس الإسلامية وجامعة، استثماراً لمساحة الحرية التي أتاحتها ثورة 25 يناير، وبعد تضييق دام لعقود في ظل النظام السابق انتهى بانتقالهم من خندق المعارضة إلى سدة الحكم.
واسترحنا من المنظر السيئ للباعة الجائلين بميدان التحرير.. لتداهمنا الإضرابات والاحتجاجات الفئوية.. بهذه العبارة علق خالد أسعد الذي يسكن بالقرب من الميدان بوسط القاهرة، عن غضبه من موجة الإضرابات التي شهدتها مصر هذا الأسبوع.
ووفقا لأسعد فإن تلك الإضرابات التي تزامنت مع بداية العام الدراسي الجديد الذي بدأ السبت الماضي، كان من نتيجتها أن ابنته لم تبدأ عامها الدراسي بعد حتى امس الاول الثلاثاء، لأن مدرسيها يضربون عن العمل، وهو الإضراب الذي يمثل أحد خمسة إضرابات شهدتها مصر هذا الأسبوع.
وبحسب أحمد الحلواني، نقيب معلمي مصر ومسؤول ملف التعليم بجماعة الإخوان المسلمين، فإن الجماعة تسعى خلال الفترة المقبلة إلى إنشاء مدرسة إسلامية أو اثنتين في كل إدارة تعليمية، كما أنها تستهدف، مستقبلا، إنشاء جامعة إسلامية .
ويبلغ عدد الإدارات التعليمية في محافظة القاهرة العاصمة وحدها 26 إدارة، وفي مصر 29 محافظة، أي أن خطة الإخوان وفق الحلواني تستهدف إنشاء ما لا يقل عن 350 مدرسة في جميع محافظات مصر.
ويسمح نظام التعليم في مصر لرجال الأعمال والمؤسسات بإنشاء مدارس خاصة تخضع لإشراف وزارة التربية والتعليم بخلاف المدارس المملوكة للدولة والتي تقدم التعليم المجاني للطلاب. وتابع الحلواني، في حديثه لمراسل الأناضول الجماعة لديها 50 مدرسة أنشأت قبل ثورة 25 يناير، تتميّز بأسلوبها الإسلامي المعروف في التربية والتعليم ، مشيراً إلى أن هذه المدارس تشمل جميع المراحل التعليمية الأساسية بداية من الروضة وحتى المرحلة الثانوية . وقدرت مصادر إخوانية مطلعة على ملف التعليم بالجماعة أن متوسط عدد الطلاب في المدرسة الواحدة يتراوح بين 1500 وألفي طالب، وهو ما يعني أن مجمل عدد الطلاب في المدارس الإخوانية سنوياً ما بين 75 ومائة ألف طالب. وأضاف الحلواني مدارس الإخوان كان يمارس ضدها أسوأ أنواع الترهيب والاضطهاد، وجاءت فترة منع الإخوان فيها من إنشاء أي مدرسة، لدرجة أنه كان يقال لنا من المسؤولين في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ابنوا أي شيء عدا المدارس، لا يمكن أن نسمح لكم بإنشائها ، مشيراً إلى أن جهاز أمن الدولة كان يختلق الأسباب لإعاقتنا من خلال التضييق على المدرسين والموظفين .
واستدرك أنه رغم تلك المضايقات فإن المدارس الإخوانية كانت تشهد إقبالاً متزايداً من قبل المجتمع المصري، وصل إلى حد حرص ضباط في أمن الدولة والمخابرات والجيش المصري على إلحاق أبنائهم بمدارس الإخوان لما يعلمون من أمانتهم وتميّزهم في التربية والتعليم ، على حد تعبيره.
ورغم تأكيد الحلواني أن الثورة أنهت التضييق على المدارس الإخوانية ، فإنه أوضح أن الجماعة خلال الفترة التي تلت قيام الثورة وحتى الآن شغلت بأولويات أخرى سياسية لم تسمح بإنشاء مدارس جديدة، وهو ما نسعى لاستدراكه في المرحلة المقبلة .
ورفض الحلواني اعتبار توسع الجماعة في إنشاء مدارس جديدة يعكس سعيها لـ أخونة التعليم ، مضيفاً المدارس الإسلامية التي تديرها الجماعة لديها نفس المناهج الموجودة في المدارس العامة، ونحن نعد من أكثر المدارس الخاصة التزاماً بقوانين ولوائح التعليم في مصر .
وحول الفوارق بين المدارس الإخوانية وغيرها، أوضح أنها تتميز بزيادة المقرر في القرآن الكريم، واعتماد معايير خاصة في اختيار المدرسين تتعلق بالتميّز العلمي والخلقي، إضافة إلى توفير بيئة خاصة تسودها مجموعة من القيم والأخلاقيات .
ولفت إلى أن هذه الزيادات في المقررات الدراسية، وضوابط اختيار المدرسين لا تعد خروجاً عن نطاق وزارة التربية والتعليم، وإنما تأتي ضمن تنسيق واتفاق مسبق مع الوزارة .
وأشار الحلواني إلى أن هناك تنسيقاً دائماً بين المدارس الإخوانية لتبادل الخبرات وإقامة تدريبات مشتركة بين مدرسي وموظفي المدارس المختلفة وهو ما يجعل رصيد خبرات تلك المدارس أعلى من غيرها، بحسب قوله.
مدرسة الرضوان، إحدى المدارس الإخوانية والتي تأسست عام 1989 بحي مدينة نصر شرق العاصمة المصرية القاهرة، تهدف إلى غرس السلوك الإسلامي وتخريج جيل يلتزم بالقيم والعادات الإسلامية في المجتمع وفق ما قاله مصطفى مسعد مدير المدرسة لمراسل الأناضول.
وأضاف مسعد مدارس الإخوان تجمعها رابطة لها أمانة مشتركة للتنسيق فيما بينها ولا يعني ذلك خروجها عن إطار وزارة التعليم ، معتبراً أن الثورة فضلاً عن أنها فتحت المجال لزيادة أعداد تلك المدارس فقد أتاحت للمدارس الموجودة من قبل تحقيق أهدافها بشكل أفضل ودون أي ضغوط خارجية .
وأوضح أنهم في المدارس الإخوانية يعتمدون تدريس جزء كامل من القرآن في كل سنة دراسية بحيث يختم الطالب قرابة نصف القرآن بعد نهاية المرحلة الثانوية بعكس طالب المدارس العادية الذي لا يقرر عليه سوى بعض السور خلال مراحل الدراسة المختلفة.
الاضرابات والتعليم
ورغم أنها تفتح أبوابها لجميع فئات المجتمع المصري ظلت المدارس الإخوانية رافداً أساسياً لكوادر الجماعة، وأحد المسارات الأساسية للحركة الدعوية لجماعة الإخوان المسلمين.
ويرجع اهتمام الإخوان المسلمين بإنشاء المدارس الإسلامية إلى قيام حسن البنا مؤسس الجماعة بإنشاء مدارس حراء الإسلامية في النصف الأول من القرن الماضي، وبعد خروج الإخوان من السجون فيما يسمى بالإحياء الثاني للجماعة في سبعينيات القرن الماضي، جدد المرشد الثالث عمر التلمساني النهج في تشجيع أفراد ومؤسسات محسوبة على الجماعة لإنشاء سلاسل من المدارس الإسلامية في محافظات مصر المختلفة، مثل مدارس فضل والفاروق والجيل المسلم وغيرها.
وتتعرض هذه المدارس من وقت لآخر لانتقادات من قبل سياسيين وخبراء، حيث يتهمون الجماعة بتوظيف مدارسهم سياسياً من خلال توجيه التلاميذ إلى اختيار مرشحيهم كما حدث في الانتخابات الرئاسية والتشريعية السابقة.
كما اعتبرها بعض المعارضين للإخوان عبثاً بالمواطنة لعدم إتاحة الفرصة للأقباط بدخولها، وتكرارا لما كان يقوم به الحزب الوطني الحاكم في عهد مبارك من السيطرة على المدارس وتوظيفها بما يخدم مصالحهم وأهدافهم الحزبية.
أسعد قال لم تدم فرحتي كثيرا بعد نجاح الشرطة في تخليصنا من صداع الباعة الجائلين في الميدان حيث أعيش الآن صداع آخر اسمه إضراب المدرسين .
وأعلن قطاع كبير من المعلمين المصريين الدخول في إضراب بمحيط وزارة التربية والتعليم استمر للأسبوع الثاني على التوالي لمطالبة الحكومة بوضع خطة زمنية لتطبيق مشروع كادر الراتب الخاص بهم بالإضافة إلى رفع مكافأة نهاية الخدمة.
ويمثل العاملون بقطاع التعليم الحكومي من معلمين وموظفين والبالغ عددهم ، مليون شخص نسبة كبيرة من إجمالي موظفي الحكومة، تصل إلى 37 .
ودخل العاملون في الجامعات الحكومية على خط الإضرابات والاحتجاجات بداية الأسبوع الحالي أيضا طلبا للزيادة في الرواتب أسوة بأساتذة الجامعات، مما عطل بعض الإجراءات الإدارية التي يتبعها الطلاب للالتحاق بالجامعات.
صورة أخرى للمعاناة عاشتها عفاف المقيمة في منطقة غمرة بوسط القاهرة، ولكن هذه المرة بسبب إضراب قطاع كبير من سائقي النقل العام الحكومي وأصحاب سيارات نقل الركاب الميكروباص .
عفاف اضطرت لكي توصل ابنتها اليوم إلى المدرسة أن تستخدم سيارة الأجرة التاكسي ، لتدفع خمس أضعاف التكلفة التي تدفعها لأتوبيس النقل العام.
ودخل قطاع كبير من سائقي النقل العام في إضراب بداية الأسبوع الجاري، لحين تنفيذ مطالبهم المتمثلة في زيادة بدل تحسين المعيشة بنحو 300 في المائة من الأجر الأساسي وصرف بدل مخاطر وعدوى بحد أدنى 50 في المائة من الأجر الأساسي.
كما أضرب عدد غير قليل من سائقي سيارات الميكروباص، قبل أيام احتجاجا على نقص السولار في البلاد.
وفي السياق ذاته، اعتصم جامعة النيل الأهلية بمدينة السادس من أكتوبر، جنوب القاهرة، بداية الأسبوع الجاري احتجاجا على قرار النائب العام المصري بتسليم مباني الجامعة إلى الممثل القانوني لمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وهو ما رفضه الطلاب والعاملون بالجامعة ودخلوا على إثره في اعتصام.
ودار جدل في مصر حول طريقة إنهاء هذا الاعتصام كما حدثت اتهامات متبادلة بين الطلاب والعاملون بالجامعة وجهاز الشرطة حول هذا الأمر، حيث يردد الطرف الأول أن الاعتصام فض بالقوة، فيما يقول الطرف الثاني أنهم لم يستخدمون العنف.
محمد سلطان طالب بالجامعة تساءل ألا يوجد في أرض مصر الواسعة مكانا يصلح لبناء مدينة زويل حتى تضع الحكومة عينها على مباني جامعتنا؟ .
ويهدف مشروع مدينة زويل القومي للعلوم والتكنولوجيا إلى تطوير العلم والتعليم في مصر وتعود فكرته للعالم المصري أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل للكيمياء عام 1999، وهي مؤسسة تتمتع بالاستقلالية ويتم تمويلها عبر التبرعات من الهيئات والأشخاص.
من جانبها، أرجعت سالي المهدي أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة البريطانية تزايد عدد الاعتصامات والإضرابات إلى التباين الواضح بين طموحات المواطنين وأداء الحكومة.
وحملت المهدي المسؤولية عن هذه الإضرابات الحالة إلى كل من المواطن المصري والقيادة المصرية، فالمواطن لا يقرأ ولا يهتم بالتفاصيل، والقيادة لا تتعامل بشفافية ووضوح، بحسب قولها.
وقالت في برنامج الرئيس هناك وعود عامة بتحسن الأحوال، والناس انتظرت حدوث ذلك ولم يحدث .
والمشكلة هنا كما توضح استاذة علم الاجتماع السياسي أن المواطن اكتفى بهذا الوعد العام، ولم يسأل عن الكيفية، وفي المقابل فإن القيادة لم تشرح له التفاصيل ولم تحدد له سقفا زمنيا، فزادت طموحاته عن ما هو متاح في هذا التوقيت.
وكان الرئيس المصري محمد مرسي المنتخب في نهاية حزيران الماضي قد وعد المصريين بحل خمسة مشكلات خلال المائة يوم الأولى من حكمه للبلاد وهي رغيف الخبز والطاقة والأمن والمرور والنظافة.
وتوقعت المهدي زيادة عدد الإضرابات خلال الفترة المقبلة بسبب هذا الوضع الملتبس ، مشيرة إلى أنه قد يقود إلى ثورة ثانية إذا لم تلتفت له الحكومة، لكنها هذه المرة ستكون ثورة جياع لأن وقودها هم الطبقة الدنيا، بخلاف ثورة كانون الثاني 2011 التي كان وقودها الطبقة الوسطى .
وحذرت المهدي من المضي قدما في إجراءات تقشفية، لأن ذلك قد يؤدي إلى الإسراع بالوصول إلى هذا السيناريو.
وكان هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء المصري، قد دعا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية لمواجهة عجز الموازنة المتوقع للعام الجاري، والذي يبلغ نحو مليار جنيه مصر 22 مليار دولار .
AZP07