الظل ملاذ القاصرين
عبد الرضا اللامي
خرج الثعلب من وراء أكمته. فهو لا يظهر للعلن الا عند الضرورة بأعتباره واحدا من حيوانات الظل , وليس ظلا للآخرين , ولايسلك الطريق المعتاد الذي يوصله الى ساحة الميدان، و انما يختار المسالك الملتوية كي يخفي نواياه .ولا يسلك طريقا معينا مرتين !.
في طريقه و هو يركض ويتلفت , شاهد حمارا واقفا و رافعا رأسه الى الأعلى بصورة تجلب الانتباه . غير ان الثعلب استمر بمسيرته , لأنه سبق ان شاهده قبل ساعة و هو على نفس الوقفة و كان الى جواره احد الخيول الاصيلة و هو يرفع رأسه بخيلاء.
بعد ان بلغ الثعلب نقطة الهدف , و هي اكمة (لتدبير الامور )قرب ساحة الميدان , شاهد احد الضباع المكلفين بتدبير مهمة كلف بها و اطمئن لتوقيتات التنفيذ و حسن التدبير قفل راجعا من حيث اتى .
في طريق عودته شاهد الثعلب ذلك الحمار و هو على نفس وقفته رافعا راسه الى اعلى , فتوقف قليلا و سأله :
– ما بالك ايها الحمار , رأيتك منذ الصباح الباكر و انت تقف على نفس المنوال .أما اتعبك الوقوف متشنجا ؟
– كلا لا يهمني التعب , انا خلقت للتحمل , فكيف و انا امثل ظل الحصان .
– ايها الغبي , أي ظل و الحصان لا وجود له و شاهدته يغادر الغابة على رأس وفد ليمثلها في مؤتمر (الاعلاف الجاهزة) السرية , بأعتباره احد (قادة الظل) فيها .
– أحقا ما تقول , لم انتبه لمغادرته المكان ..
احنى الحمار رأسه و قال لنفسه بصوت مسموع , كيف سيعرف من يراني على اني شبيه بالخيول بأعتباري صرت ظلا للحصان ؟
سمعه الثعلب ,و ضحك ساخرا و قال :
– هناك فارق كبير ,وبون شاسع بين ان تكون ظلا للآخرين أو ان تكون (حمار ظل), بين ان تكون قدوة مضمومة للساعات التي يختفي بها البارزون ,(و لأسباب عديدة ), و تظهر انت كي تسد الحاجة.عندها يصبح لك ظلا يستظل به , و لست ظلا للآخرين كما تفعل .