الطبيبة أشرقت الراوي تؤرخ للعزيمة والصبر: كسرت التحدّيات وأتطلع إلى وطني العراق
عادل سعد
أن تستوقفك مسيرة علمية مضنية مشحونة بمخاطر المتغيرات ففي الأمر ما يستحق التدوين والتذكير وفي ذلك تظل مسيرة الدكتورة اشرقت علي عبدالله الراوي واحدةً من القصص المبهرة في الامساك بالفرص رغم الضغوط التي تعرضت لها وكادت أن تطيح بحلمها المعرفي .
تخصص طبي
- اشرقت تواصل الان في الولايات المتحدة الامريكية تخصصها الطبي الدراسي في امراض القلب في الولايات المتحدة الامريكية وهي تختضر معاناتها وما كابدته من تحديات حتى الساعة وكيف انتصرت على كل تلك التحديات
- تقول اشرقت ، يظل أملنا بالله محور ثقتنا ، تتساقط المخاوف وتتواصل العزيمة بالمزيد من الإصرار وتكون البصيرة معيننا على النجاح والتفوق ، وإذا كانت الرياح تجري بما لا تشتهي السفن في الكثير من الأحيان إلا أن الإرادة الصلبة تستطيع ان تكسر الامواج العاتية . وتواجه العواصف بقوة
- لقد ولدت في الموصل يوم كان الحصارالذي ضرب البلاد ينهش الحياة العراقية وكانت الحاجة إلى رغيف الخبز في أغلب الأحيان أمنية .
لقد تفتحت اسارير طفولتي في هذه المدينة العريقة حيث يرقد فيها العديد من الانبياء والاوصياء والمبدعون في كل فنون الحياة
- في مناخ عائلي تظلله المحبة والود كانت ولادتي لكن الواقع الذي يحيط بنا كان مريراً
- لم يكن هناك في الافق ما يشير الى وجود فرصة في انتهاء كل الضغوط ، ورغم ثقل التهديدات كان (الحمد لله على كل شيء )مصدر ثقة عائلتي في الانتصار على الصعوبات التي كانت تواجهها .
علاجات لازمة
- الان انا اواصل دراستي الطبية العليا باختصاص أمراض القلب واشعر بالمزيد من الاستعداد للتفوق والحصول على ما يعينني على خدمة بلدي العراق وان اكون الى جانب المرضى نفسياً ليس فقط في تقديم العلاجات اللازمة لهم ، وإنما ايضاً ان اكون الى جانبهم داعمةً ومشجعةً على اجتياز الامراض التي يعانون منها والأمل يحدوني ان أتميز بمعرفة طبية خاصة بي .
- لقد غادرنا الموصل وعمري بحدود سنة ونصف باتجاه الأردن ثم رجعنا الى بغداد ثم الى الموصل بعد أن صار عمري خمس سنوات وفي السنة السادسة من عمري دخلت المدرسة الابتدائية وكانت هذه هي المرة الاولى ان اعيش في وسط تلميذات من أقراني في العمر ومازلت حتى الان اتذكر الأيام الاولى من دراستي في مدرسة الحدباء
لقد شعرت بالكثير من الاطمئنان بفضل صداقات مع فتيات كانت تجلب السرور لي لكن الحال لم يدم فبعد عام 2003 ومرحلة التغيير والفوضى التي أصابت وطني والتهديدات المتنوعة التي تعرضت لها عائلتي اضطررنا الى مغادرة مدينتي باتجاه الاردن وبذلك فقدت واحدة من افراحي اليومية الجميلة التي كنت أحرص عليها من خلال علاقاتي الطفولية التي كونتها مع فتيات موصليات لتبدأ صفحة جديدة من حياتي ،صفحة كان علي ان أسس علاقات جديدة مع فتيات اردنيات ولكم ان تتصوروا كم كانت معاناتي في هذا المتغير الجديد ،كنت حزينة كما نقل لي والدي ووالدتي لكن الله عوضني بحياة اكثر اطمئنان حين التحقت بمدرسة خاصة كل موادها التعليمية تدرس باللغة الانكليزية وبذلك تعلمت لغة جديدة الى جانب لغتي العربية التي تأسست لي من خلال عائلتي وصديقاتي الموصليات ومنهج مدرسة الحدباء ، وبعد ان صار عمري احدى عشر سنة غادرنا الى جنوب افريقيا لحصول والدي على فرصة عمل هناك وانجاز دراسته على الدكتوراه في علم الاجتماع .
حيث استقرينا في جوهانسبرغ وبدأت أكمل دراستي في مدرسة كنيسة (هولي فملي ) التي لها أكثر من مئة عام في هذا المجال التعليمي
- لقد مكنني ما تعلمته من اللغة الانكليزية في مدرستي بالعاصمة الاردنية عمان ان اكون على مقدرة في تجربتي العلمية الدراسية الجديدة في هذا البلد الافريقي المزدحم بالكثير من الأشياء المبهرة ، ثم انتقلنا الى مدينة بريتوريا وبادر والدي الى ضمي الى احدى المدارس التي تديرها مؤسسة اسلامية ، المدرسة تبعد عن بريتوريا ثلاثين كيلومتر ورغم بعد المدرسة توفرت لي فرصة ثمينة في دراسة علمية جادة لها فضل كبير في تكوين توجيهي العلمي العام . وحين بلغ عمري الخامس عشر اقتضى وضع عائلتي الاقتصادي ان نرحل الى تركيا لتبدأ صفحة اخرى من معاناتي مع اللغة حيث أكملت دراستي في اللغة العربية في مدرسة للجالية السودانية وقد تأهلت إلى دخول كلية الطب التي كانت السنتين الاوليتين الدراسة فيها باللغة الانكليزية والسنوات الباقية باللغة التركية لأدخل في معاناة جديدة ، لكن مع اختلاطي مع طلبة أتراك استطعت أن يكون لي إلمام مهم في اللغة التركية وقد حصلت بعد تخرجي بكالوريوس بالطب الباطني على وظيفة طبيبة في مستشفى تركي ، لكن هذه المرة بمدينة مصراته الليبية لأنتقل الى حياة وسط عربي مشابه الى حد ما للوسط الاجتماعي الذي عشته في الاردن مع فارق في الأوضاع السياسية ولم تتوقف لدي دوامة التنقل والترحال إذ سافرنا الى المملكة العربية السعودية ثم الى ماليزيا وبعدها ليستقر املي في مدينة نيويورك لإكمال اختصاصي الطبي العالي مع حلم يعيش معي على مدار الساعة ان اعود الى بلدي العراق واكون ضمن الطاقم الطبي الوطني في أي مدينة عراقية وفق مقتضيات العمل التي تقررها وزارة الصحة العراقية ، وتمضي اشرقت في سرد معاناتها ، ولكن هذه المرة حين وصلت الى نيويورك والمحنة التي تعرضت لها في الحصول على سكن يوفر لي الاطمئنان
- تقول الراوي ، لقد تابع والدي أتصالته الهاتفية لتوفير سكني لي في نيويورك بالمزيد من الاحباطات وخيبات أمل مصدرها عراقيون وعرب اهملوا الى حد بعيد قيم النخوة ، كان والدي يدير مداولاته بصبر وتأني وضغط نفسي رغم وعود كاذبة ومخادعة وانتظارات قاسية
اما المهم لدي ، أن اكون بين ابناء وطني العراق ، هذه هي امنيتي المستقبلية التي اسعى الى تحقيقها مهما كانت اغراءات العيش في بلدان اخرى .