البوكيمون

hassan nawab

كلام مسموع

حسن النواب

منذ إسبوعين تقريباً والعالم كله يطارد البوكيمون ، وهي لعبة طريفة ومرحة لا تخلو من المكر ، بوسعك تحميلها على هاتفك المحمول ومعها تبدأ الغواية بملاحقة ذلك المخلوق الكارتوني الذي يرجع الى إصول يابانية ، هنا في منزلنا مثلا لاحديث يعلو عن هذه اللعبة ، أحيانا أسمع زعيق صغاري بعد منتصف الليل ، أفز مرعوباً ثم إكتشف ان إبنتي عثرت على البوكيمون وما صيحتها الا إبتهاجا بهذا الحدث الجلل ! وليس الأمر يتوقف عند هذا الحد ، صباحا وجدت إبنتي الأخرى تضع تلفونها النقال بالمايكرويف وتحرّك صحنه الزجاجي بيدها ، إستغربت من عملها الجنوني ، فتخبرني انها تنتظر و تأمل من البوكيمون ان يضع بيوضه التي ستفقس عن بوكيمونات صغار ، بينما هرع ولدي البكر الى حديقة المنزل بحثا عن هذا الكائن الخرافي ، أنظر الى وجه زوجتي المنذهلة من تصرفات الصغار وأسمعها تردّد كأننا طرشان بالزفّة ؟! والحكايات الظريفة تتسابق مع بعضها عن وقائع هذا المخلوق الذي أصبح شاغل الدنيا والناس ، حديقة الكنز بارك في مدينة بيرث الأسترالية حيث أقيم ، إمتلأت بآلاف الناس من شيوخ ونسوة وصبايا ومراهقين وأطفال ، ولما سألت إبني « تبارك « عن سر هذا الزحام ؟ أخبرني ان البوكيمون يتواجد في دروبها وغاباتها بكثرة ! وهناك سيارات تاكسي خاصة يمكن ان تكتريها لملاحقته ، حوادث مؤسفة وقعت لبعض المولعين بهذه اللعبة ، أحدهم إرتطم بجدار صلب لإنشغاله بمتابعة البوكيمون على شاشة محموله ، وآخر أخذته أقدامه الى نهر سوان بغفلة منه ، وثالث سقط من شرفة منزله وتكسّرت أضلاعه ، حدثتني إبنتي»حُسنى» ضاحكة حين وجدت نفسها بغرفة مديرة المدرسة وهي تتابع طريق البوكيمون لكنها إكتشفت ان مديرتها منشغلة بالبحث عنه أيضا ؟ أحدهم بعد عثوره عليه أقام حفلة لأصدقائه كلفته ألف دولار ، وفي حادثة ربما هي أطرف ماسمعت عن تداعيات هذه اللعبة السحرية التي سلبت عقول الناس ، ان حفلة زفاف إقيمت في لندن ، لم تتوقع العروس ان البوكيمون سيسرق الأضواء منها ، حين إنشغل المدعوون بمطاردة هذا المخلوق الشبيه بالفأر ومعهم زوجها الذي تركها وحيدة وإختفى بسرعة ملاحقاً غريمه الأفضل خارج أسوار قاعة العرس عسى يصطاده ، خلال كتابتي للمقال سمعتُ إبنتي «عليا» تتوّسل بأمّها حتى تحملها بالسيارة الى حديقة تبعد عن منزلنا قليلا ، لأن البوكيمون سيتواجد على مروجها لمدة عشر دقائق فقط ، في لندن وحدها تم تحميل هذه اللعبة 15 مليون مرة على الهواتف المحمولة ، هذه لعبة لعينة أثارت إستغرابي ودهشتي وسخريتي وحيرتي ، ذكرتني بمطاردة كارتونية طالما كنا نستمتع بمشاهدتها أيام زمان وأعني حكايات توم وجيري ، لكن يبدو ان لعبة البوكيمون قضت على لعبة القط والفأر تماما وجعلتها في طي النسيان ، ولا أدري هل وصلت هذه اللعبة المرحة الى وطني العراق ؟ ام ان الناس هناك مازالت منشغلة ومبتلاة بمطاردة رغيف الخبز ونسمة هواء باردة ، وليتهم يطاردون لقمة العيش فقط ، إنما عليهم مطاردة الدواعش الذين عاثوا وأفسدوا كل ماهو جميل في البلاد ، وفرق هائل بين شعوب تطارد لعبة البوكيمون حتى تمرح وتتسلى ، وشعوب تطارد الساسة الفاسدين واللصوص والدواعش وتفقد كل يوم عشرات الشبان بمعارك طاحنة وتزيح سخام وركام المفخخات ، اجل فرق كبير بين الذي يطارد البوكيمون بحديقة غنّاء وبين الذي يطارد داعشي في حديقة النار .

مشاركة