أولى الخطايا إستخدام شعري لقصة الغراب

أولى الخطايا إستخدام شعري لقصة الغراب

الشعر انعكاسات لحالة عاشها الشاعر أو يتأثر بشيء فصوره لنا بطريق جمالية إبداعية فلسفية فكثير من الشعر به حكمة تحيلنا لدلالات معرفية فلسفية وربما الشعراء عباقرة كما وصفهم أرسطو طاليس الذي خالف رأيه أستاذه أفلاطون الذي طرد الشعراء من جمهوريته والشاعر يملك براعة وقدرة عالية في التعبير والتحكم بموهبته فهو يمدح او يذم كما فعل المتنبي مع كافور ويصور لنا الشاعر أي حالة من خلال ما يطرح في الساحة الأدبية ويعبر عن ما يشعر به او يراه من الحب او الكره او الحزن او الفرح او ينقل راية اتجاه أي موضوع بطريقة شعرية مثل ما فعلت الشاعرة المغتربة رائدة جرجيس في مجموعتها (أولى الخطايا تفاحة).

استل حزنه سؤالا

 من بين أصابع الندم!

 أينسج حزنه برقعا لعورات

 التوت ؟! أم يهب قلبه

 مفتاحا للجنان؟!…

 تائهٌ في غربةِ الدروب

 يبحثُ عن سلاتِ عنبٍ

 بافارية.. ليقاسمها بين قابيل

وهابيل كي يشرب الغراب

 كؤوس الدم نخب الخديعة

العسجد وضوء القمر والحزن ..

اشتغلت الشاعرة رائدة جرجيس في نصها على قصة سيدنا ادم والتفاحة التي هي سبب خروجنا من الجنة كما وظفت قصة ولديه هابيل وقابيل من خلال الترميز للغراب المعروف القصة التي رواها القران الكريم وقد وضعت جرجيس لمسات شعرية كي يكون نصاً شعرياً يجذب اهتمام المتلقي ويتفاعل معه ان هذا العزف الإبداعي على قصة عمرها الاف السنين وقد استهلك بسبب كثرة ما كتب عنها يؤكد قدرة الشاعرة على التحكم بالمفردات ورسم صورا فنية تحمل طابع الحكمة المعرفية وهذا النص يجعلنا نعود للسبعينات أي للحركة التفكيكية التي كانت تقول بتمزيق النص ودراسته من الداخل والسبب كثرة الترميز والانزياح في ما هو مطروح فهي تقول في مقطع ثاني: منذ الأزل وحواء تهيئ النشوة

والتفاح!! فالكل ادم وكل التفاح

 خطايا . سيوف الذكرى تعري

 الماضي عن شيطانِ أهبل …

على مرا فيء اليأس

 نوحٌ ينتظرُ السفينة العذراء

(أولى الخطايا تفاحة) حمل الكثير من الصور المتنوعة فالشاعرة رائدة جرجيس بعد ان تتحدث عن سيدنا ادم وقصة أولاده تعرج على سيدنا نوح من خلال ذكر السفينة لكن هي ليست سفينة عادية بل تتخيلها الشاعرة بعذراء وهذه السيميائية تجعل فضاء الأشياء اكثر اتساعاً ومع التعدد في الطرح لكن هناك رابط واحد وهو الدين وعملية مشتركة على اعتبار سيدنا نوح ابو البشر الثاني وقد تكون الرؤية الشعرية عند جرجيس متأثرة بالدين في مرحلة معينة او هناك اختزال جعل جرجيس تكتب عن هذه القضية فالشعر حالة تعايش بين المبدع والعوامل الخارجية والداخلية وليس الشعر فقط بل كل عمل ابداعي يخرج من المبدع يمثل مرحلة من حياته او موقف اتجاه أي قضية او حتى الحياة كلها

والجودي يصرخ بالأمل

لا..لا..تومئ عينيك فينسدل

 الستار على الجمال

وتؤجل الزمن آه ..آه.آ .آه…

 أمطارك سنابل

 فضية على وديان جروحٍ شقها

 الألم وصوتك

البعيد بكاءٌ..بكاءٌ..بك..ااا..

 لعل الخطاب الشعري في نص رائدة جرجيس يأخذ إبعاد أكثر فهي تخاطب شخصاً وتطالبه ان يفتح عينه ويدرك الجمال أي يرتقي لإحساس الشاعرة وتكمن الجمالية الفنية بوصفها إمطار السنابل وألم صوت الشخص المخاطب الذي لم تفصح عنه وهناك الكثير من الانتقالات التي طرحت بطريقة فكرية خلقت لنا مساحة كبيرة من التفكير ومحاولة البحث في ما تقوله جرجيس و كما هو معروف ان قصيدة النثر ذات دلالات وإبعاد وهي كلام منثور أي مجموعة احاسيس تنطلق من الذات وقد دخلت في عدة مجالات كثيرة الاحتمالات.

فالثم صباحاتي الربيعية لتضمد

 جراحات ليلك الوحشي بأغنياتي

 فأوتار قيثارتي َشعرُ

غجريةٍ تسافر على جناح

 الوهم وأنغام لحني

 نزيف الياقوت ، رنين

تختم الشاعرة نصها بهذه الكلمات وبعد رحلة استكشافية تحليلية جميلة في عالم نصها نجد رائدة جرجيس الشاعرة المغتربة التي تعيش في الولايات المتحدة جعلت الختامة مقطوعة يجب التفكير بعمق فيها واكتشاف ما تريد انوصله لنا

عدي العبادي- بغداد

مشاركة