فلوس ميسين دواء مضاد للاكتئاب

31-1

زمان جديد

عبد الحق بن رحمون

المواطنُ‭ ‬العربي‭ ‬،المشرقي‭ ‬والمغربي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬تجده‭ ‬مهموماً‭ ‬على‭ ‬طول،‭ ‬ومصاب‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬بالوراثة،وبالفطرة،‭ ‬وبالعدوى،‭ ‬كما‭ ‬تجده‭ ‬دائما،‭ ‬شاكيًا،‭ ‬باكيًا،‭ ‬لايشبع‭ ‬ولا‭ ‬يقنع‭ ‬من‭ ‬تناول‭ ‬أدوية‭ ‬ضد‭ ‬الاكتئاب‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬‮«‬فلوس‭-‬ميسين‮»‬‭. ‬ويدعي‭ ‬في‭ ‬النهار‭ ‬أنّه‭ ‬مكتئب،‭ ‬ويتمنى‭ ‬في‭ ‬سريرته‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬وجهان‭ (‬وجه‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حرام،‭ ‬ووجه‭ ‬آخر‭ ‬يدعي‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬مناصر‭ ‬للحلال‭) . 

ربما‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثة‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬تعرضنا‭ ‬لحالات‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬بسبب‭ ‬تأخر‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬ابن‭ ‬كيران‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬الثانية‭. ‬وبصعوبة‭ ‬تجاوزنا‭ ‬‮«‬بلوكاج‮»‬‭ ‬الاكتئاب‭ ‬النفسي‭ ‬والسياسي‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صرفنا‭ ‬نظرنا‭ ‬عن‭ ‬الانتظار،‭ ‬حيث‭ ‬شغلنا‭ ‬أنفسنا‭ ‬بمقاومة‭ ‬الصقيع‭ ‬والثلج‭ ‬والتبروري‭ ‬الذي‭ ‬اكتست‭ ‬به‭ ‬شوارع‭ ‬العاصمة‭ ‬الرباط‭. ‬على‭ ‬أي‭ ‬سننتظر‭ ‬أن‭ ‬تتشكل‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الحب‭ ‬في‭ ‬الـ‭ ‬14‭ ‬شباط‭ (‬فبراير‭) ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تتشكل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬التوافق‭ ‬مع‭ ‬فاتح‭ ‬أبريل‭ (‬نيسان‭) ‬المقبل‭.‬

في‭ ‬رأيكم‭ ‬ما‭ ‬لون‭ ‬الاكتئاب‭: ‬هل‭ ‬هو‭ ‬أبيض‭ ‬أم‭ ‬أسود‭ ‬أم‭ ‬رمادي‭.‬

الجواب‭ ‬حول‭ ‬مستويات‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تشخيص‭ ‬دقيق‭ ‬في‭ ‬مختبر‭ ‬الفيزياء،‭ ‬أو‭ ‬طلب‭ ‬استشارة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬عامل‭ ‬الدهان‭ (‬الصَّبَاغ‭) ‬الذي‭ ‬يصبغ‭ ‬المنازل‭ ‬وواجهاتها‭ ‬الأمامية‭ ‬والخلفية،‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الألوان‭ ‬التي‭ ‬نختارها‭ ‬سوف‭ ‬نميز‭ ‬طبيعة‭ ‬وسلوك‭ ‬الأشخاص‭. ‬ودرجة‭ ‬إصابتهم‭ ‬بالتكهرب‭ ‬السريع‭ ‬والغضب‭ ‬الشديد‭.‬

والمُكتئب،‭ ‬حال‭ ‬وأحوال،‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬تسأله‭ ‬عن‭ ‬أحواله‭ ‬وأخباره،‭ ‬حتى‭ ‬يصف‭ ‬نفسه‭ ‬بنعوت‭ ‬قدحية،‭ ‬مستفزة،‭ ‬لاترى‭ ‬فيها‭ ‬أي‭ ‬انقشاع‭ ‬أمل،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬العاطفة‭ ‬وشرايين‭ ‬القلب‭ ‬التي‭ ‬لاتنبض‭ ‬بسبب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬سبب،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬التفريج‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬وقضاء‭ ‬أوقات‭ ‬ممتعة‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬النقود‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬المؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الشهية‭ ‬لاستعادة‭ ‬الفرح‭ ‬والسعادة،‭ ‬لكن‭ ‬المكتئب‭ ‬سيكون‭ ‬ملزماً‭ ‬على‭ ‬صرفها‭ ‬بسخاء‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عاطفة‭ ‬جياشة‭ ‬وبدون‭ ‬بخل‭ ‬مسبق‭ ‬بالوراثة،‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬رغب‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬السريع‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب‭ ‬القاتل‭.‬

والاكتئاب‭ ‬العربي‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬مرضية‭ ‬مستشرية،‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬ضيقة‭ ‬وواسعة،‭ ‬لكن‭ ‬عدواها‭ ‬خطيرة‭ ‬جدا‭ ‬وتؤدي‭ ‬بأصحابها‭ ‬إلى‭ ‬الاكتئاب‭ ‬العرضي‭ ‬الذي‭ ‬تنزل‭ ‬ضرباته‭ ‬مثل‭ ‬نزلة‭ ‬البرد‭ ‬الحادّة‭ ‬والقاتلة‭.‬

وتبقى‭ ‬مشكلة‭ ‬الاكتئاب‭ ‬في‭ ‬أوساطنا‭ ‬بسيطة،‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬فسرها‭ ‬العلماء‭ ‬وأطباء‭ ‬النفس،‭ ‬أولئك‭ ‬الذي‭ ‬يجعلون‭ ‬من‭ ‬الحبَّة‭ ‬قبّة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تشخيصهم‭ ‬للاكتئاب‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الموضوع‭ ‬تضخيمًا‭ ‬ويصفون‭ ‬لك‭ ‬علاجاً‭ ‬طويل‭ ‬الأمد،‭ ‬وقليل‭ ‬الأمل‭. ‬لأن‭ ‬العلاج‭ ‬الوحيد‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الاكتئاب‭ ‬هو‭ ‬تناول‭ ‬عقاقير‭ ‬‮«‬فلوس‭-‬ميسين‮»‬‭ ‬ونتجية‭ ‬العلاج‭ ‬به‭ ‬مضمونة‭ ‬مائة‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬بحسب‭ ‬الخبراء‭.‬

أتعرفون‭ ‬ما‭ ‬دور‭ ‬الجيوب‭ ‬المملوءة‭ ‬بالمال‭. ‬ومحافظ‭ ‬النقود‭ ‬المبتسمة؟‭ ‬وهل‭ ‬تعرفون‭ ‬أيضا‭ ‬أهمية‭ ‬صيدليات‭ ‬الحراسة‭ ‬لبطائق‭ ‬الائتمان،‭ ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬البعض‭ ‬علاج‭ ‬للاكتئاب‭ ‬الموضعي،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬يملكون‭ ‬ثروة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بها‭ ‬سكان‭ ‬مدينة‭ ‬بأكملها‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاثين‭ ‬سنة،‭ ‬لكننا‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الثروات‭ ‬مصابون‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬الوراثي،‭ ‬ولايعرون‭ ‬ماذا‭ ‬يفعلون‭ ‬بثرواتهم‭ ‬المادية‭. ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬نجده‭ ‬فيه‭ ‬الشخص‭ ‬المفلس‭ (‬المَزْلُوطْ‭) ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬مصاب‭ ‬بمرض‭ ‬العصر‭ ‬أي‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬وتجده‭ ‬مهموما،‭ ‬يسب‭ ‬ويشتم‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬مناسبة،‭ ‬وبسبب‭ ‬اكتئابه‭ ‬المتكرر‭ ‬تجده‭ ‬مبليٌ‭ ‬بِبلوى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النسيان‭ ‬وإيجاد‭ ‬طريق‭ ‬للتحايُل‭ ‬على‭ ‬الحياة،‭ ‬ومصاعبها‭ ‬وعقباتها‭.‬

ولذا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نتعلم‭ ‬كيف‭ ‬نواجه‭ ‬الاكتئاب‭ ‬ونسلخَهُ‭ ‬سلخا‭ ‬مبرحا‭ ‬إذا‭ ‬ماحدث‭ ‬وتجرأ‭ ‬أن‭ ‬يقترب‭ ‬منا‭. ‬أولاتناول‭ ‬المنشطات‭ ‬غير‭ ‬مفيدة‭ ‬بالمرة،‭ ‬والمقصود‭ ‬بالمنشطات‭ ‬تلك‭ ‬البديلة‭ ‬التي‭ ‬تعوض‭ ‬منشطات‭ ‬أخرى‭. ‬فاستعمال‭ ‬منشطات‭ ‬مصنعة‭ ‬تقليديا‭ ‬تؤدي‭ ‬بصاحبها‭ ‬إلى‭ ‬الموت‭ ‬كذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأدوية‭ ‬والعقاقير‭ ‬الخاصة‭ ‬بالاكتئاب‭ ‬فتجاوز‭ ‬الكمية‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬يصبح‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭.‬

وتبقى‭ ‬أحد‭ ‬الأعراض‭ ‬المعروفة‭ ‬عن‭ ‬الاكتئاب‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬العميق‭ ‬بالفراغ‭ ‬والحزن،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الهروب‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نسيان‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬لايريد‭ ‬الشخص‭ ‬أن‭ ‬يفصح‭ ‬عنه‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاكتئاب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يصاب‭ ‬به‭ ‬الشخص‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬سبب‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬موضوعي‭ ‬لذلك‭. ‬فما‭ ‬يقع‭ ‬حولنا‭ ‬ويحدث‭ ‬في‭ ‬عالمنا‭ ‬العربي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الاكتئاب‭. ‬فما‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬قنوات‭ ‬فضائية‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬حتى‭ ‬تسمع‭ ‬مئات‭ ‬القتلى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭. ‬وهذا‭ ‬تقتيل‭ ‬مجاني‭ ‬ينفذه‭ ‬ظلاميون،‭ ‬يحللون‭ ‬ويحرمون‭ ‬بحسب‭ ‬مزاجهم‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬شركات‭ ‬للأدوية،‭ ‬وشركات‭ ‬للأسلحة‭ ‬اغتنت‭ ‬وراكمت‭ ‬الأموال‭ ‬الطائلة،‭ ‬بسبب‭ ‬تعميمها‭ ‬وتعويمها‭ ‬للعالم‭ ‬بالاكتئاب،‭ ‬ونشر‭ ‬الاقتتال‭ ‬والرعب‭ ‬والترهيب‭. ‬وصارت‭ ‬الشعوب‭ ‬تعيش‭ ‬اضطرابات‭ ‬نفسية‭ ‬في‭ ‬المنافي‭ ‬والمخيمات،‭ ‬بسبب‭ ‬القلق‭ ‬النفسي‭ ‬المجاني،‭ ‬وتشير‭ ‬إحصائيات‭ ‬أن‭ ‬الاكتئاب‭ ‬يصيب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬121‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ . ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشخص‭ ‬فيه‭ ‬مختصون‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الأعراض‭ ‬المعروفة‭ ‬عن‭ ‬الاكتئاب‭ ‬هو‭ ‬الشعور‭ ‬العميق‭ ‬بالفراغ‭ .‬

مشاركة