يلعبون على العذاري لعباً

يلعبون على العذاري لعباً
فاتح عبدالسلام

 

معلومة استخبارية نزجيها مجاناً للحكومة في بغداد ولغرفة العمليات الايرانية الحكومية الامريكية المشتركة، هي أن القصف الذي تنفذه الطائرات المسيرة من دون طيار في الموصل مهما كان مصدرها إيرانياً أو عراقياً أو أمريكياً، لم يقتل عنصراً واحد من داعش أو بالكاد أصاب في مرات نادرة أبنية متروكة كان تنظيم داعش مر منها . القصف مستمر منذ شهرين بلا تأثير على قوة تنظيم الدولة الاسلامية ، ولا يزال التأثير منصباً على أهالي المدينة وممتلكاتهم.
كما ان هذا النوع من القصف هو ذر الرماد في العيون ليس أكثر. فهذه الطائرات ليست الأسطول القتالي الأمريكي حين يقصف لحسم معركة كما حدث في عام احتلال بغداد . وحتى لو نجحت في ضرب هدف هنا وهدف هناك فلن يتغير شيء على أرض الواقع .
تنظيم داعش لن يستطيع أن يمكث في الموصل ومحيطها أكثر من شهور ،فالأمر ليس بالسنوات . ذلك انه تنظيم عسكري استخباري خاضع لتعليمات خارجية لا أحد يعرف متى تصدر اليه لتنفيذ مهمة قد تتناقض مع المهمة التي سبقتها لكنها الأوامر ليس إلا. كما انه تنظيم يعتمد على الدعاية والدعاية المضادة ،أي دعاية الترويج الاستباقي للأحداث، ودعاية الدفاع عن النفس لصد الهجوم الدعائي ضده. وهذا هو مركز القوة القتالية بالتزامن والتساوي مع قوة معدودة من الانتحاريين مخلوطة بكم كبير من مروجي العمليات الانتحارية بوصفها أساس الفعل العسكري كله. وحسب خبراء العسكرتاريا فإن العملية الانتحارية في حروب كالتي تجري في العراق هي فعل صدمة يحتاج الى ادامة من قوات قتالية أو حاضنة شعبية. وحال داعش في هذه اللحظة التاريخية أنه بدأ يفقد تأثير العناصر الثلاثة . حيث لم يعد هناك في الموصل وتكريت أهمية سوقية لتنفيذ عمليات انتحارية في ظل انعدام أهداف تستحق ذلك الجهد. أما القوات القتالية فقد بدأ التنظيم يفقدها من حيث النوع المختلط بالهالة الدعائية الكبرى التي تسبق أي هجوم يقوم به، والملتحقون الجدد من أبناء الأرياف في محيط الموصل وتكريت وبيجي من أوساط معمية بالجهل والانغلاق ومنقادة بالصدمة والخوف وبطيئة في اكتشاف الحقائق ، وهي في الوقت نفسه تريد التماهي مع منجز جاهز على الأرض ولم يتم اختبارها في تحقيق منجز جديد لا تملك مقومات صنعه. لذلك كان قرار داعش في نقل الملتحقين الجدد الى سوريا حيث يتم اعادة عجنهم وتكوينهم في أرض غريبة.
أما الحاضنة الشعبية فقد انتهت عملياً وتحولت الى حاضنة موت وقنابل موقوتة ورصاص قناصين بعد ارتكاب حماقة تفجير مساجد وأضرحة الأنبياء والتشاطر على اجماع علماء الأمة الذين مروا على الموصل في خلال ألف واربعمائة عام واعتبارهم جهلة وفاقدين للعلم الشرعي ومحاولة اقناع مجتمع حضري مدني منفتح في الموصل على تصديق الاعتقاد بجمل مجتزأة من كتب السيرة والأثر بلا شورى علماء ولا تغليب مصلحة أمة وقراءة تاريخها وظرفها الصعب الحالي.

لكن بعد رفض داعش فإن بديل الموصل وتكريت وبقية العراق ليس حكومة طائفية مباعة لإيران حتماً. لذلك سيبقى قصف الطائرات يثقل جراح الموصل وتكريت ويترك داعش تلعب على العذاري.

 

العذاري

تسمية عراقية شعبية للسيارات التي يتنقل فيها داعش

 

رئيس التحرير

مشاركة