وهم التسيد المطلق – ثائر علوان
فتح النافذة، ومكث يحدّق بشغف في ممرّ الزقاق، مترقّبًا حضور أقرانه. تأمّل الظلال التي تدفعها الجدران ببطء. قضم قميصه احتجاجًا على عناد الشمس. كانت تزحف بتراخٍ، غاربة.
أغلق النافذة بعنف، ورمق سربًا من النمل يسير على الجدار. رسم بأصبعه السبّابة دائرة حول النملة التي تتقدّم السرب، ثم حرّك إصبعه بشكل منجلي على طوله، ودعك بضراوة النملة الأخيرة.
ارتدى زيًّا رياضيًّا يفوقه حجمًا، بالرغم من نحافة جسده. لفّ سلاح «الننشاكو» حول عنقه، وظلّ يجول في الغرفة ساخطًا.
فتح النافذة مجددًا. ابتهجت عيناه الحاذقتان عند حضور الأطفال. توقّف متوثّبًا كالحيوان المفترس، وانطلق إلى الخارج في لحظة بدء المباراة.
توقّف في وسط الساحة، شاهرًا سلاحه، يصرخ كطرزان. أوقف اللعبة قسرًا، راكلًا كلّ من اعترض. ثم أعاد تقسيم الفريقين، وأوعز ببدء المباراة بصافرة من فمه.
لم يكن بارعًا في كرة القدم، لكن تُمرَّر له الكرة كلّما استحوذ عليها فريقه. وبينما كانت اللعبة في أوجها، رمق رجلًا قزمًا يمرّ في الشارع.
توقّف يشاهده بغرابة، ثم انطلق صوبه بغتة. تمشّى بجانبه على أطراف أصابعه، واضعًا كتفه بمحاذاة كتفه، ومائلًا برأسه نحو رأسه. فوجئ بقبضة فولاذية انقضّت على عنقه. دُفِع بقوة نطحة ثور، وارتطم بالأرض. اهتزّ مصعوقًا، وقد بلّل سرواله، حتى تقلّص حجمه بحجم النملة الأخيرة.