
قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية) (أ ف ب) – تواصل إسرائيل هجومها المكثف على مدينة خان يونس التي أعلن الجيش “تطويقها” في جنوب قطاع غزة بعد أكبر خسارة بشرية يومية يتكبّدها منذ بدء العمليات البرية في القطاع.
ومع احتدام القتال، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (اوتشا) أن القوات الإسرائيلية أصدرت الثلاثاء أوامر لإخلاء جزء من خان يونس يسكنه ما يقدر بحوالى نصف مليون شخص من سكان ونازحين.
وتأتي هذه الأوامر بعدما حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن سكان غزة يواجهون “مجاعة وشيكة” وفيما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رفض إسرائيل حل الدولتين بأنه “غير مقبول” ومعتبرا أن من شأنه إطالة أمد النزاع في غزة.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال دانيال هاغاري أن 24 جنديا بينهم 21 “من قوات الاحتياط” قتلوا الاثنين، في الحصيلة الاعلى في يوم واحد منذ 27 تشرين الأول/اكتوبر، في انفجار صاروخ ار بي جي استهدف دبابة ومبنى فخخه الجيش تمهيدا لهدمه في جنوب قطاع غزة.
وأضاف “ثمن الحرب باهظ ومؤلم”.
وتوافد مشيّعون إلى جنازات الجنود الاحتياط الثلاثاء، من بينهم أشخاص لا تربطهم علاقة بهم.
وقالت إسرائيلا عورون من جامعة بن غوريون في النقب، إن عدد القتلى المتزايد بين الجنود، 221 جنديا حتى الآن، سيدفع العامة إلى “المطالبة بإجابات واضحة حول الغرض والهدف من هذه العملية في غزة”.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن تحقيقا فتح في “الكارثة”.
– “لا شيء للأكل أو الشرب” –
ميدانيا، أعلنت القوات الاسرائيلية الثلاثاء “تطويق” خان يونس في جنوب غزة حيث تتركز المعارك منذ أسابيع.
وأظهرت صور نشرها الجيش الإسرائيلي الأربعاء ما يؤكّد أنها اشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين، ونفق ومنشأة لصنع صواريخ في خان يونس، في “معقل” لحركة حماس.
من جهتها، أفادت وزارة الصحة التابعة لحماس أن ما لا يقل عن “125 شهيدا وصلوا الى المستشفيات وغالبيتهم من الاطفال والنساء وكبار السن جراء مجازر الاحتلال البشعة والمروعة والقصف الهمجي على خانيونس ومناطق متفرقة في قطاع غزة”.
بدوره، قال الإعلام التابع لحماس “غارات جوية عنيفة شنها الاحتلال على خانيونس وقصف مدفعي عنيف على كل المناطق في مدينة ومخيم خانيونس ورفح والمناطق الغربية لمدينة غزة وجباليا شمال القطاع، اوقع اكثر من مئتي شهيد وجريح، واستهدف بقذائف مدفعية عددا من مدارس الإيواء المحيطة بمجمع ناصر الطبي والتي تضم نازحين مما أدى لسقوط شهداء”، مشيرا إلى أن “الاحتلال يهجر قسرا عشرات الاف المدنيين من خان يونس الى رفح”.
وقال “أوتشا” إن القوات الإسرائيلية أصدرت الثلاثاء أوامر إخلاء لجزء مساحته أربعة كيلومترات مربعة من خان يونس يسكنه حاليا 513 ألف شخص تقريبا بالإضافة إلى إخلاء مستشفيَي ناصر والأمل الرئيسيين في المدينة.
بدورها، حذّرت الرئاسة الفلسطينية “من خطورة مطالبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أهالي خان يونس بمغادرة أماكن سكناهم باتجاه رفح” معتبرة هذه الدعوة “بمثابة جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها” وفق بيان صادر عن مكتب الرئيس محمود عباس.
كما حذرت الرئاسة الفلسطينية في بيان الثلاثاء المجتمع الدولي “من أن نوايا سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصبحت واضحة بتهجير أبناء الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، بما ينطوي على ذلك من آثار لا تحمد عقباها” بحسب ما نقلت وكالة “وفا”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق في إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن مقتل 1140 شخصا في الدولة العبرية، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسميّة.
وردّا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية منذ 27 كانون الأول/أكتوبر، ما أسفر عن سقوط 25490 قتيلا معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
وتسبّبت الحرب في نقص حاد في الغذاء والماء والوقود والأدوية في القطاع المحاصر.
وفي مدينة غزة المدمرة، قالت أم داهود الكفرنة، وهي من السكان النازحين، إن الحملة العسكرية الإسرائيلية “تركتنا من دون أي شيء لنأكله أو نشربه فيما تقصفنا من الجو والبحر وبالدبابات”.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي الثلاثاء من أن الظروف في غزة تزداد سوءا.
وقالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط عبير عطيفة إن “اكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون مستويات كارثية من انعدام الامن الغذائي ويتزايد خطر المجاعة كل يوم حيث يحد الصراع من توفير المساعدات الغذائية الحيوية للمحتاجين”.
من جهته، وصف غوتيريش الثلاثاء رفض إسرائيل حل الدولتين بأنه “غير مقبول” معتبرا أن من شأنه إطالة أمد النزاع في غزة.
– “محادثات جادة” –
وخُطف خلال الهجوم أيضا نحو 250 شخصا نُقلوا إلى قطاع غزّة حيث لا يزال 132 منهم محتجزين، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويرجح أنّ 28 على الأقل لقوا حتفهم.
وأعلن البيت الأبيض أن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك “موجود في القاهرة” وسيُجري زيارات أخرى في المنطقة لمناقشة “وقف” الأعمال العدائية في غزة بهدف إطلاق سراح الرهائن الذين اختطفتهم حماس.
وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي أن “إحدى المسائل التي يناقشها (ماكغورك)هي إمكان التوصّل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح الرهائن، ما يتطلّب هدنة إنسانية لمدّة معيّنة”.
وتابع “المحادثات جادة للغاية بشأن محاولة التوصل إلى اتفاق آخر لتحرير رهائن”.
ووصل إلى القاهرة أيضا الثلاثاء وفد من حركة حماس التي تحكم قطاع غزة “للبحث مع قادة أجهزة الاستخبارات المصرية في مقترح جديد لوقف إطلاق النار”، وفق مصدر فلسطيني قريب من المحادثات.
– ضربات في اليمن والعراق –
ويفاقم النزاع التوترات بين إسرائيل وحلفاء حماس الموالين لإيران، خصوصا حزب الله اللبناني والمتمردين الحوثيين في اليمن.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الثلاثاء أنّ القوات الأميركية استهدفت منشآت في العراق تستخدمها فصائل مسلّحة مدعومة من إيران، وذلك ردّا على هجمات استهدفت عسكريين أميركيين في كلّ من العراق وسوريا.
وشنّت الولايات المتّحدة هذه الضربات بعد أيام من تعرّض قواتها في غرب العراق لقصف بصواريخ بالستية ومقذوفات صاروخية، في هجوم اتّهم البنتاغون فصائل مسلحة مدعومة من طهران بالوقوف خلفه. وأسفرت هذه الضربات عن مقتل شخصين بحسب مصادر عراقية.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) في بيان إنّها “شنّت ضربات ضدّ صاروخين حوثيّين مضادّين للسفن كانا يستهدفان جنوب البحر الأحمر ومعدّين للإطلاق”.
وكانت القوات الأميركية والبريطانية أطلقت جولة أولى من الضربات ضدّ الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران في وقت سابق من الشهر الجاري، وأعقب ذلك مزيد من الضربات المشتركة ليل الإثنين الثلاثاء.
وشهدت الحدود اللبنانية الإسرائيلية الثلاثاء تبادلا جديدا لإطلاق النار بين القوات الاسرائيلية وحزب الله اللبناني.
ويتوجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى تركيا الأربعاء لإجراء محادثات أرجئت مرتين بهدف تسوية الخلافات ومحاولة وقف توسع الحرب بين إسرائيل وحماس.