وجبة الإنتقام – ثائر علوان

وجبة الإنتقام – ثائر علوان

مسك القط بعنف موبّخًا، ورماه في القفص، وأقسم: «سأحرمه من وجبته»، لأنه تبرّز على الفرشة.  التقط المذياع الصغير من الرف، ووضع له البطارية بيدٍ مرتعشة؛ فقد أزعجه بلبلُه الذي يطير ويهبط على صلعته مغرّدًا.  أشعل المذياع، وجلس على الأريكة متوترًا، يُنصت بأصغاء لنشرة الأخبار. صدح صوتٌ يشي بالهزيمة: «سقطت جميع المدن العراقية بيد الاحتلال…»  وقف مصعوقًا من وقع الخبر، وتمشّى صوب النافذة وفتحها بهدوء، ومكث يحدّق مذهولًا إلى أسراب الناس وهم ينهبون الدائرة الحكومية، وكأنهم يأجوج ومأجوج يخرجون من خلف السد.  مشى في الغرفة كالممسوس الأحمق، وشمّ رائحة جوعٍ مخيفة تنساب من النافذة؛ فانطلق بخفة وأغلقها.

رمق صورة القط والبلبل على المعرض، وتمعّن بها عميقًا وكأنه يشاهدها للمرة الأولى.

تذكّر حبس القط دون طعام، فمشى مسرعًا وفتح باب القفص. خرج القط وعيناه تشيان بالانتقام؛ اهتزّ بعنف، وتموء بجنون، وانطلق صوب البلبل منقضًّا عليه، ملتهمًا إيّاه دفعة واحدة!

مشاركة