نادي السرد يناقش بوصلة القيامة – نصوص – صبيحة شبر

رواية تخترق الفنية وتختزل الزمن

نادي السرد يناقش بوصلة القيامة – نصوص – صبيحة شبر

احتفى نادي السرد في اتحاد الأدباء مؤخرا برواية بوصلة القيامة لمؤلفها هيثم الشويلي ، ادار الجلسة الأديب خالد ناجي الذي قال ان الجائزة هي غاية مؤداها ثلاثة نقاط: مادية ومعنوية وفنية، وان العمل الأدبي ذاتي شخصي بحت،، وان كان عمل هذا الكاتب يكافأ ويتقدم على أعمال أخرى ، فهذا عمل شخصي وقد أثبتت الرواية العراقية كفاءتها العالية، وانه خلال كل عشرة أيام تصدر رواية جديدة عراقية ، وهذا يعطينا دليلا على الاهتمام الذي يحظى به السرد العراقي، ومؤلف الرواية هو هيثم الشويلي مواليد 1974 من ذي قار، تولد الكويت ، يعمل بالتدريس، لديه بكالوريوس رياضيات ، له مجموعة قصص ورواية..

قال هيثم الشويلي ان بوصلة القيامة وثيقة ادانة لما اقترفه النظام السابق، بطلها رجل تشبث بالحياة، تحمل الألم ومارس ادوارا عديدة، وكان يتساءل دائما ابن من هو؟..

قالت الدكتورة فوزية موسى غانم ان بوصلة القيامة تتحدث عن معاناة الانسان، وقد حاول الروائي ان يضع السارد في بطن امه ، ويعيش مع والديه ، وكان السرد موفقا ، لغة الرواية سلسة ، وتحرك البطل دائريا ، والبحث مستمر عن الهوية الضائعة ، وعرض الروائي المرأة بعدة صور.

الناقدة أشواق النعيمي قالت ان بوصلة القيامة سيرة ذاتية للبطل ، تقوم بعرض الأحداث المسطحة ، وتعتبر بوصلة القيامة من روايات الوعي ، ومرحلة الاصطدام بالسلطة ، تؤرخ الرواية لمرحلة ما بعد السبعينات ، وتصنف من ادب السجون ، وتذكرنا برواية شرق المتوسط.

قرأ الأديب سالم المندلاوي ورقة نقدية للناقدة الجزائرية رحمة الله اوريسي جاء فيها (استطاع المنجز الروائي العراقي أن يحتل الصدارة خصوصاً بعد تألق المبدع هيثم جبار الشويلي كروائي وذلك بعد النجاح الأدبي الذي احتسب للعراق في مسابقة الشارقة للإبداع العربي 2014، وعلى الرغم من تلك التحديات إلا أن هذا المنجز السردي العربيnبوصلة القيامة- تمكن من اختراق الفضاء واختزال الزمن، وذلك عائد لتلك المفارقات التي تفرد بها الروائي من خلال سرده لأحداث كادت أن تكون حقيقية فقد جسد لنا هيثم الواقع مع الخيال، والألم مع المعاناة، فتارة نجده يسرد وتارة يتقمص البطولة، وتارة يتألم وتارة يفرح لنجاته من الموت بأعجوبة.

وقد تمكن من وراء هذا المنجز أن يعقد قرانه مع الآخر بصورة رمزية مشفرة فحاول أن يربط بين ماهو أدبي تخييلي وبين ماهو واقعي، وذلك راجع إلى أن الروائي لا يخرج عن إطار مجتمعه بل هو فرد من أفراده ومن هنا اجتمعت الفلسفة -مع موهبة الشعر- مع البيئة/المجتمع فتكون لنا هذا الفيض المملوء بالأحاسيس التي تربط بين الألم والأمل؛ فالنص الروائي ماهو إلا معطى جمالي فني يحمل في صميمه كماً من الفيض الدلالي اللغوي وكماً من المحمولات العاطفية المشحونة بالبيئة، فيأتي الإبداع وفقا لتصور ما تمليه مخيله المبدع .مقدس ومدنس

ويبدو أن هيثم لا يخرج عن هذا الإطار فقد واجه المتلقي، وأحدث خلخلة في أذهاننا بتلك المفارقات، فحاول تصوير ذلك الواقع الحربي المتعفن، بل قام بفضح الممارسات والعقوبات التي كانت تقام سرا في حق الشعب، فجمع بين المقدس والمدنس في روايته، ولعل ذلك يكمن في قداسة المواطن العراقي ودناسة الآخر/المتسلط، الذي يتصيد لهم الأخطاء كي ينفذ عليهم أقصى العقوبات، فنجده ينسج لنا الأحداث بطريقة موجعة صادمة لنا صياغةً ومعنى، حيث أنه لم يتبع طريقة السرد المعروف، بل أسس لنفسه مملكة حرفية تحمل براعة في التصوير وتقنيات عالية في السرد، فرحل بنا من عالم الواقع على سجادة خياله إلى عالم تتخفى فيه الحقائق واضاف.

وإذا نظرنا إلى البوصلة من ناحية أخرى لوجدنا أنها تشبه في ذلك الجنين الذي تشكل وخلق من رحم الواقع والحياة وتشاكل وتواتر مع القلق والحزن اللذين سيطرا على كيان المبدع والروائي هيثم الشويلي، وقد تمخضت فكرة البوح من تفاصيل صغرى ثم كبرت كفكرة لتنضج وتولد من الألم كرواية، فمن الألم تخلق لذة الكتابة nعلى حد قول رولان بارت – وقد اعتنق هيثم في هذه الرواية الأسى، وتأثر بما يكتب فوّلد ذلك التداخل الإنساني والأدبي هذه التحفة الفنية، والذي قد لا يعرفه الغير أن هيثم عاش ألم هذه الأحداث وهو يكتبها، فالمعروف عن أي مبدع أنه لا يمكن أن يوّصل لنا صدق الأحداث إلا إذا عاشها، فتألم هيثم مرتان مرة لأنه عاش اللحظة ( سماعا، وكتابة) ومرة لأنه كان البطل الذي انبثقت منه وتفرعت منه باق الأحداث وتفاصيلها فخلق لنا هذه اللذة، وقد استطاع بأسلوبه وخياله أن يرحل بنا إلى عوالم جديدة ارتادها لحظة الكتابة .

كما تحمل البوصلة في صميمها كما من الأبعاد والجماليات مالم تحمله روايات أخرى حيث ركز هيثم على رواية الحدث فكان في كل مرة يخرق لنا أفق التوقع فتحس وكأنك مجبر بل وملزم بالارتباط بالرواية منذ بدايتها حتى النهاية، فعنصر التشويق طاغٍ إلى حد كبير، إضافة إلى أن الخرق تجسد في تلاعب هيثم بمسألة الموت والحياة فكان يتتبع الموت بنكهة الألم ليفارق الحدث في كل مرة فتنتهي أزمة ذلك البطل بالحياة، وقد اختصر لنا مسيرة الحياة منذ الولادة حتى النهاية وكأنه يجسد في هذا الإبداع مراحل نمو الجنين ومراحل نمو الابداع.

فالبطل في البوصلة خلق بألم وترعرع بألم حتى انتهى الحدث بألم موعود بالحياة، وإذا تتبعنا تلك الأحداث نجدها تتشاكل مع مراحل الابداع فهو يولد بفكرة مؤلمة ويترعرع في رحم وفكر الكاتب بألم ويتواتر بكلمات ألم حتى يخلق كإبداع بعد ألم ولعلها هي مراحل نمو الجنين فهو يخلق في رحم الأنثى بعد ألم ويتواتر حمله عندها بألم ليولد بألم موعود بالحياة .) محبتي لكم جميعا وشكرا لاتحاد الكتاب الذي احتفى بصديقي العزيز هيثم …. شكرا للعراق

قال القاص والناقد يوسف عبود ان بوصلة القيامة عمل مميز ، فاز بجائزة الابداع في الشارقة ، وأجاد الكاتب في وصف المعانة التي عاشها الشعب ، والرواية تتحدث عن حقب متواصلة مر بها العراق.

الناقد اسماعيل ابراهيم قال انه في عملية النقد يجب ان تكون هناك تحديد للبنى والشخصيات ، التي جاءت معظمها ذات طابع شعبي عام، وأي شخصية يفترض بها ملامح شكلية وسلوكية ، بالإضافة الى ان هناك سلوكا في الرواية ، وبين الناقد اسماعيل ان هذه الملامح ضاعت في العمل ، لهذا جاءت بعض الأحداث غير مقنعة ، واشار الناقد الى ان الرواية تعبوية.

الأديب عبد الأمير المجر تمنى ان يخصص ناقد ممتاز لهذه الجلسات ، ليأخذ وقته في الحديث ، ثم تبدأ الأسئلة والمناقشات.

الروائي احمد خلف قال انه لا يتفق مع من يصدر أحكاما قاطعة، ، وعنده تساؤل هل يحدث شيء من لا شيء؟، وقال اننا تقتل الرواية حين نتحدث عن تفصيلاتها ، وحين اقوم بتلخيص الرواية اساهم في تشويهها؟..

تساءلت الروائية سافرة جميل حافظ عن المعايير التي يعمل بموجبها في منح الجــوائز الأدبية ؟