ضغوط أمريكية لعدم استخدام أموال روسيا المجمدة

كييف- زابوريجيا (أ ف ب) – روما – موسكو – الزمان
أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء إلى أن روسيا تتهيّأ لخوض «سنة حرب» جديدة في أوكرانيا في العام 2026، عقب تصريحات لنظيره الروسي فلاديمير بوتين أكّد فيها أن أهداف موسكو في البلاد «ستتحقّق بكل تأكيد». وقال زيلينسكي في خطابه اليومي «سمعنا اليوم إشارة جديدة من موسكو تفيد بأنهم (الروس) يستعدون لجعل السنة المقبلة سنة حرب جديدة». وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء على أن موسكو ستحقق أهدافها من عملية أوكرانيا العسكرية «بكل تأكيد»، بما في ذلك السيطرة على أراض تعتبرها تابعة لها، في ظل المساعي الدبلوماسية الدولية لإنهاء الحرب. وقال بوتين أثناء اجتماع مع مسؤولي وزارة الدفاع في موسكو إن «أهداف العملية العسكرية الخاصة ستتحقق بكل تأكيد». وأضاف «نفضّل القيام بذلك واجتثاث الأسباب الرئيسية للنزاع بالسبل الدبلوماسية»، متعهدا السيطرة على أراض تصر موسكو على أنها ضمّتها «بالوسائل العسكرية» إذا «رفضت الدولة المعادية ورعاتها الأجانب الانخراط في مباحثات موضوعية». تأتي هذه التصريحات في وقت تحدثت أوكرانيا الاثنين عن «تقدم» مُحرز بشأن مسألة الضمانات الأمنية، بعد يومين من المحادثات مع مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في برلين.
لكن وفقا للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لا تزال الخلافات قائمة حول مسألة الأراضي التي سيتعين على أوكرانيا التنازل عنها لروسيا. كان الاقتراح الأولي الذي قدمته واشنطن والذي صيغ من دون استشارة حلفاء أوكرانيا الأوروبيين، يقضي بانسحاب كييف من منطقة دونيتسك الشرقية، واعتراف الولايات المتحدة فعليا بمناطق دونيتسك والقرم ولوغانسك كمناطق روسية. ولا يزال محتوى الخطة المعدلة غير واضح. وفي وقت سابق الأربعاء، قال الكرملين إن روسيا تنتظر معلومات من الولايات المتحدة حول نتائج المحادثات في برلين.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين «نتوقع أن يُبلغنا نظراؤنا الأميركيون، حالما يصبحون جاهزين، بنتائج عملهم مع الأوكرانيين والأوروبيين».
في أيلول/سبتمبر 2022، قالت روسيا إنها ضمت رسميا مناطق زابوريجيا ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون، على الرغم من أنها لم تكن تسيطر عسكريا عليها بالكامل. يتوجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى بروكسل الخميس لإقناع الشركاء الأوروبيين باستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا، على الرغم من ضغوط واشنطن على دول الاتحاد الأوروبي للامتناع عن ذلك، وفق ما صرح مسؤول لوكالة فرانس برس. وقال المسؤول الأوكراني رفيع المستوى الأربعاء «تمارس الإدارة الأميركية ضغوطا على الدول الأوروبية للتخلي عن فكرة استخدام الأصول الروسية لدعم أوكرانيا». وأضاف أن زيلينسكي «سيتوجه إلى بروكسل لحث الدول الأوروبية على تبني قرار» استخدام تلك الأرصدة. وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأربعاء إن خطة الاتحاد الأوروبي لتمويل أوكرانيا باستخدام الأصول الروسية المجمدة «لا يمكن فرضها»، وذلك قبل قمة في بروكسل يُتوقع أن تركز على هذه القضية.
وصرحت ميلوني أمام البرلمان الإيطالي في خطاب ألقته قبل اجتماع المجلس الأوروبي يومي الخميس والجمعة «هذه قرارات معقدة لا يمكن فرضها». وأضافت «من الواضح أن إيطاليا تعتبر مبدأ أن تكون روسيا أول من يدفع تكاليف إعادة إعمار الدولة التي هاجمتها مبدأ مقدسا، لكن يجب أن يتحقق هذا على أساس قانوني متين».
وتدفع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بخطة لاستخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة لتقديم قرض لكييف بقيمة 90 مليار يورو للعامين المقبلين، إلا أن هذه الخطوة تواجه معارضة شديدة من بلجيكا التي تؤوي معظم هذه الأموال المجمدة. وتخشى بلجيكا أن تُعرّضها هذه الخطة لردود فعل روسية، وتُصرّ على الحصول على ضمانات قوية من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى بأنها ستتحمل أي التزامات قانونية ومالية.
لم تُفلح محاولات طمأنة الحكومة البلجيكية حتى الآن في كسر الجمود، ما يُنذر بجولة مطولة من المفاوضات في القمة.
نظريا، يمكن لقادة الاتحاد الأوروبي الآخرين تجاوز موقف بلجيكا وفرض المبادرة بأغلبية ساحقة، لكن هذا الخيار لا يرجّحه كثر في الوقت الراهن. وقالت ميلوني إن إيطاليا أبدت دعمها للخطة «رغم عدم موافقتنا على الأسلوب المستخدم». ودعت إلى «توضيح المخاطر المحتملة المرتبطة بالاستخدام المقترح للسيولة الناتجة عن تجميد الأصول، لا سيما تلك المتعلقة بالسمعة أو الردود الانتقامية أو الأعباء الجديدة الثقيلة على الميزانيات الوطنية». وقد وجّهت روسيا إنذارا شديد اللهجة الأسبوع الماضي، إذ أعلن بنكها المركزي أنه سيُقاضي مجموعة «يوروكلير» المالية البلجيكية التي تحتفظ بالأصول المجمّدة. وقالت ميلوني إنه «من قصر النظر تركيز اهتمامنا على جهة واحدة تمتلك أصولا سيادية روسية مجمّدة، وهي بلجيكا، في حين أن دولا شريكة أخرى لديها أيضا أصول مجمّدة في أنظمتها المالية». وأسفرت ثلاث غارات جوية روسية على مدينة ومنطقة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا الأربعاء عن إصابة 26 شخصا على الأقل، وفق حصيلة أولية صادرة عن السلطات المحلية.
وقال قائد الإدارة العسكرية الإقليمية إيفان فيدوروف على تطبيق تلغرام «هناك حتى الآن 26 جريحا، عدد ضحايا هجوم العدو على زابوريجيا والمنطقة يتزايد». وأفادت خدمات الطوارئ الأوكرانية في حصيلة أولية عن إصابة 19 شخصا في مدينة زابوريجيا، حيث طال القصف «مبنى ومنزلا ومؤسسة تعليمية».
وأظهرت صور لوكالة فرانس برس إطفائيين وهم يخمدون حريقا اندلع في مبنى سكني مكون من ثمانية طوابق، وقد اسودت واجهته بفعل النيران وتحطمت نوافذه.
تتعرض زابوريجيا التي كان عدد سكانها يناهز 710 آلاف نسمة قبل بدء الغزو الروسي في شباط/فبراير 2022، لقصف منتظم من الجيش الروسي الذي يقترب منها تدريجيا، مع وجود خط جبهة على بعد أقل من ثلاثين كيلومترا.
وتستمر الهجمات في ظل سعي الولايات المتحدة لإنجاح وساطتها بين كييف وموسكو لتسوية النزاع الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد أعلن الكرملين ضم منطقة زابوريجيا، بالإضافة إلى ثلاث مناطق أخرى في شرق وجنوب أوكرانيا. وتحتل القوات الروسية محطة زابوروجيا للطاقة النووية، وهي الأكبر في أوروبا، منذ آذار/مارس 2022.



















