من الماضي القريب

من الماضي القريب

مدماك وتصريف المياه

في العهد الملكي كنا صبية صغاراً وكانت بغداد مدينة ذات ابعاد محدود لا يتجاوز قطرها بضع كيلو مترات كما ان نفوس العراق كله حينذاك بحدود خمسة ملايين نسمة وميزانية العراق على ما اذكر 50 مليون دينار  في ذلك الحين نفذ مجلس الاعمار شبكة لتصريف المياه وعند الانشاء كنا نمارس لعبتنا الصبيانية حرامية جرخجيه  في داخلها .. ولكن ليس مثل حرامية وجرخجية هذا الزمان ..

كنا نركض في تلك المجاري وعلى ما اتصور لا يقل قطرها عن 1.2 متر ؟ في اواسط السبعينيات من القرن الماضي بدأت شركة تدعى مدماك بتنفيذ مشروع تصريف المياه ولكن كان قطر الانبوب بحدود القدم الواحد وتم تشييد  محطات السحب في مختلف مناطق بغداد الحديثة والتي بدورها تضخ الى منطقة الرستمية لمعالجة تلك المياه   دخل العراق في دوامة الحروب والحصار ولكن لم يحدث محنة شبيهة لما حدث في العام الماضي والاعظم في السنة الحالية.

 ومن الملاحظ ان المسؤول في العهود البائدة كان يخشى الحساب سواءً كان حزبيا ام مهنيا والدليل على ذلك البنى التحتية التي تم تدميرها في العدوان الذي قامت به دول التحالف وتدميرها للكثير من البنى التحتية في الكهرباء والاتصالات والطرق والجسور وغيرها واعادتها الى العمل في اوقات قياسية بسبب خشية المسؤولين من المسائلة والعقاب اما بعد 2003 فاصبح الحبل على الغارب واصبح العمل والانجاز على مزاج المسؤول المحروس من حزبه المناضل العتيد او كتلته السياسية الكونكريتية التي يصعب على الجماهير تكسيرها وهاهي عشرة سنوات التي تكفي لبناء دولة بكل مؤسساتها وبنيتها التحتية والعمرانية وتصبح في مصاف الدول المتقدمة وخاصة  وقد انفقت مئات المليارات منذ 2003 ولغاية هذا التاريخ  والعــــجيب الغريب ان المسؤولين الكبار والصغار يتبادلون الاتهامات والشتائم بينهم وكل يبرأ نفسه من التقصير.

ياسادة يامسؤولون اذهبوا الى الدول المجاورة ولا تذهبوا الى امريكيا او اليابان او سويسرا اذهبوا الى ايران وتركيا وسوريا والاردن هذه الدولة الفقيرة وشاهدوا باعينكم كيف تلك الدول تصرف تلك المياه التي تفوق المعقول من مياه وثلوج تذوب لتتحول الى مياه وكيف يتم خزنها للاستفادة منها والكف عن التباكي والشتيمة للدول الاخرى لحجبها المياه او تقليل الاطلاقات المائية الى بلدنا نسأل حتى الجاهل بعلوم الحياة كم تكفي العراق المياه التي سقطت في العام الماضي والحالي والتي سوف تسقط ؟؟ ياسادة يامسؤولون تالي وقت .. الشعب لا يستفيد من ايرادات  النفط ومن المياه وخيرها في حياة الناس في الزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية ولا يستفاد من الكبريت والفوسفات والاثار والسياحة وووووو ؟؟؟

 قولوا لنا الشعب شنو استفاد منكم ؟؟؟ موت وتهجير وتطهير وانهار دماء وامية وتخلف وبطالة مقنعة وغير مقنعة وهجرة العقول والاختصاصات وفقدان الامان والخوف والهلع والنكبات التي لم تغادر عائلة عراقية وازمة خلف ازمة خلف ازمة …

يا مسؤولون ..اليست لكم غيرة على بلدكم كما يغار مسؤولي البلدان الاخرى على شعوبهم واوطانهم .؟؟

يا مسؤولين ..حكام الشعوب الاخرى تشن الحروب وتسرق وتتجسس لاجل ان تسعد شعوبهم  ؟؟

يا مسؤولون متى تسعون الى توحيد شعبكم وترفعون الوطنية على كل المسميات الاخرى؟

 يامسؤولون ..  متى تتحول هذه القوات المسلحة الكبيرة الى وسيلة دفاع وبناء ؟؟ يامسؤولون ..متى تحرصون على ساعات العمل التي تذهب هباء بحجة او اخرى ومتى تحدد ايام العطل بشكل بعيدا عن الاهواء والاهتمام في المصلحة الوطنية العليا ؟؟ يامسؤولون . . متى نبدأ البناء الحقيقي لعراقنا  الحبيب ؟؟

يا مسؤولين متى نرى على شاشات التلفزيون المحاكم العلنية التي تحاكمكم عن السرقات والتخريب وما حدث للبلاد ؟

الله حبا هذا البلد بكل خيرات الدنيا والذي تتمنى الشعوب الاخرى جزء منه ولكن لم يتمتع الشعب بجزء يسير منه بسبب من تولى  او يتولي السلطة .. متى يكون الرجل المناسب في المكان المناسب ويسعد الشعب العراقي بهذا الوطن العظيم.

خالد العاني – القاهرة