
من التكنو ….راط إلى التكنو قراط
فاتح عبدالسلام
يتوهم من يظن أن الاصلاح سيحرج أحداً في العملية السياسية التي باتت مدانة لفسادها. لا احراج في الأمر ، فقد تصدى الفاسدون لفكرة الاصلاح وباتوا ينظرون فيها ويتصرفون
بها على وفق احتياجات المرحلة التي يمرون بها ، وكأن الاصلاح هو احدى السلع القابلة للتحوير واعادة الاستخدام بما يضمن البقاء على خواص المواد الأولية للسلعة.
اليوم بات لدى الكتل السياسية المرادفة للعملية السياسية، ان الاصلاح هو فك احتكار الحزب الواحد للسلطة وتوزيع حصته المناصبية والنفعية على احتكارات أصغر حجماً وأكثر انتشاراً. وهنا تبدأ عملية نوعية للمحاصصة السياسية أكثر دقة ونفعاً ،على حسب المفهوم الجديد للاصلاح الذي يضطلع به من كنا نظنهم متضررين من فتح باب الاصلاح فإذا به باب رحمة لهم وليس باب عقاب.
مهما ذهبت بالمصطلحات السياسية بعيداً أو قريباً فإنك لا تخرج من حصار المحاصصة ، وذلك لسبب بسيط ،هو غياب الثقة بالآخر بعد التجارب النجسة التي مرروا الشعب عبرها. ومبرر المحاصصة هو الايمان القوي بأن لا أحد مؤتمن على مراعاة حقوق مكون ما من الشعب اذا لم يكن ممثلاً في منصب أو امتياز.
كل شيء يخضع للتفسيرات المتضاربة في العراق ، لذلك نرى هذا الصعود والهبوط في كل المجالات، لا أحد يعلم ما هي منجزات وزارة خدمية معينة طوال ثماني سنوات ولماذا تبقى وزارة ولا تكون مديرية عامة أو شعبة في مؤسسة ، دمج الوزارات لا يكفي اذا بقيت الهيكلية مترهلة من الداخل ، لأنه احياناً لا نختصر المشاكل بل ندمجها لتكون مضخمة وترجع بالويل على البلد في اطار هذا التناحر.
لا أحد يرضى الاعتراف بأنه كان جزءً من المشكلة ، جميعهم يعودون في الواجهة ويعرضون أنفسهم على انهم هم الحل . لا أحد يريد تصديق حقيقة ان هناك شعباً آخر في العراق غير شعب الامتيازات في المنطقة الخضراء لذلك توجسوا خيفة من التعامل مع قائمة لتشكيلة وزارية من خارج النطاق الحزبي الضيق، بالرغم من ان وجود سدنة العملية السياسية على المنصات لا يتيح لحكومة التكنو قراط أن تعمل وان القائمة لا تستطيع أن تغير وهي محكومة بغير التكنو قراط. انهم يريدون كل شيء تحت ايديهم ، وهذا هو المختصر المفيد.
وأجيء بحالة واحدة هل يوافق وزير تكنوقراط على مد جسر بطائرات الدولة لنقل مليشيات للقتال في دولة أخرى من دون تصويت وقرار البرلمان على ذلك؟ حصل ذلك في العراق بكل افتخار، وهو أمر سيتكرر أو لا أحد يستطيع منع حدوثه أو حدوث أمثاله.
من المستحيل ،ضمن سقف العملية السياسية المقدسة ، تحقيق الانتقالة من حكومات التكنو ô..راط الى التكنوقراط.
رئيس التحرير
لندن


















