مقرمشات.. عاصم جهاد

مقرمشات.. عاصم جهاد

 

فـلاح المرسومي

 

بغداد

 

المقرمشـــات أطعمـــة تغــــذي الجســــم سهلــــة الهضـــم ولــــذيـــذة إذا مـــا صنعهـــا طبـــــاخ مــــاهــر، ومقرمشـــات عاصـــم جهـــاد الســـهل الممتنـــع طيبـــة المـــذاق وفيهــا مــن اللّــذة مــا ينعــــش العقـــل والجـســــد ومشـــهية كلما نظـــرتهــا العيـــن وقلبتهـــا الأصـــابــع قطعـــة قطعــــه تظل عالقـــة فـــي الــذاكـــرة وتشــــتهيها كــل حيـــن .. هكــــذا هـــي المقرمشـــات التي طبخهــــا الكاتب الســاخر والفنان والإعـــلامـــي ورســــام الكاريكاتيــر ” عــاصــم جهـــاد ” وقــدمها فــي صحــن إبـــداعه لقرائه ومحبيـــه، لم لا وهـــو الـــذي نال الكثير من الجوائــز لإبداعه بأفضل رســـم كاريكاتيـــر فــي مســـابقــة شــــبكة أنبـــاء العـــراق عام 2012وجائزة أفضل مقال ســـاخـر عام 2013وهو أول من أدخل الرسوم المتحـــركة في الإعلان التلفــزيوني عام 1996وقبلها العضو المؤســـس للجنة الكاريكاتير عام 2011وله مــن عشـــرات الســنين برامج تلفــزيونيـــة: إستراحة الجمعـــة، تعلولة عراقيـــة، مســــاء الخيـــر ياعـــراق، وشــــناشـــيل الذي حصل عليـــه جــائــزة مهــرجان القاهـــرة عــام 2002وغيرهـــا الكثيـــر، ويطل علينـــا مـــن جـــديــد فـــي مقـــرمشـــاته كاتبـــا” ســـاخرا”، وهـــذا النــوع من الكتــابة الـــذي يعتبـــر من أهـــم كنـــوز الإبـــداع الأدبـــي في فــن وإسلوب الكتابة فـــي العــالــم صعبـــا” وليــس ســـهلا”، كمــا يقــول عنـــه الأستاذ الدكتـــور والعالم بالطب النفســـانــي قاســـم حســـين صــالــح لأنهــا تجتمـــع فـــي عالــم مــن الفانتــازيــا فيهــا الرقــص واللعـــب على مســــرح التناقضـــات والســـخرية المبّطنـــة والكوميـــديا الســـوداء، وأخــــر دبابيـــس تنغـــز مــن أغـفــــل حـــق نفســـه أو تجــاوز علــى حــــق غيـــره تحت أي ســـلطة كالــديــن مثـــلا”، ومضاداتها التي تشـــفي العليـــل عند فضحهـــا مـــن يمتلك ســــلطة وفـــي قـــرار أهــــوج، مـا طبخـــه وقدمـــه لنا المبدع عاصـــم جهــــاد من مقالات تحت عنـــوان ” مقرمشــــات “يجـــذب كل المتـــذوقين باختـــلاف وتنـــوع مســتوياتــهم الثقافيـــة فيهــا من الخيـــال موظف فـــي المألــوف والغريب لخـــدمة الحقيـــقة وزيادة الــوعي وتحـــريض بشكل وآخـــر للتمـــرد على الظلــم والإســـتبداد وإثارة على الواقـــع الـــذي بات فاســـدا” فيــه من ســـاقته الأقـــدار ليتحكــم بمصائـــر العبـــاد كتبها من دون أن يخاف من قطع عنقـــه أو رزقـــه، هــذا التحكـــم الذي تشير اليه المقالات وتفضـــح عناوينه بستائر مختلفـــة كالدين، والديموقراطية، والدكتاتورية، والعصبيــة، والعاطفيــة، والرومانســـية والشــــفافيـة وما الى ذلك من مسميات وبشكل ســـاخـــر، تجعلنـــا نســـخر حتـــى مـــن أنفســـنا، لأننــا نعيشـــها ونتعــايـــش معهـــا بحلاوتهـــا ومرارتهـــا وســـخونتهـــا وبرودتهـــا، ” مقرمشـــات ” عاصـــم جهــاد 62 قطعـــة – مقال- قدمها  فـــي كتـــاب ب272 صفحة، ووضـــع بعد كل مقال منهــا عنـــد نهايته نقطـــة ” ضـــوء ”   هي كلمـــات تبـــدد من الظلمــة، آية من آيات القران الكـــريـــم أو حديث نبوي أو قول ولي أو عالم، أو حكيم وفيلســـوف من (زمـــن كلكامـــش وإحقيار أوإيسيوبوس الفيلسوف اليوناني محبوب الشعب) وهـــؤلاء من زمــن قبـــل الميـــلاد بقـــرون عــــده، أو من هـــذا الزمن لكتاب أو فلاسفه وكانت منها عبارات بقلم الكاتب نفسه وهـــذه مقتطفات من بعض المقالات، فمن مقال على الصفحـــه (15) وكان بعنــوان  (إتصال من مواطن ميت)… يقول… أنا مواطن ميت منذ عقود ..أسكن القبور بعد أن أصبت بالوحدة والفاقة والفقر والمرض وأًغلقت جميع الأبواب بوجهي وتعبت من مراجعة الدوائر ومقابلة المسؤولين، ولهذاأتصلت بك لكي أوصل صوتي ومعاناتي ؛فقلت له بعد أن تنفست الصعداء : الحمد لله ..فأنت حي ولست ميت . قال: لا فرق عندي  .. فأنا حي ميت.. وإذا كنت اليوم أجلس على مصطبة الإحتياط .. فقد أنظم بعد قليل الى فريق الأموات الأول؛ قلت له لا تيأس وكن متفائلا” ..  وسارع غدا”الى مراجعة شبكة الحماية الاجتماعيه ..لتنظيم راتب شهري لك؛ قال: راتب .. معقولة ..وبهذه السرعة ..أكيد  أستاذ إنت تحب إطلاق النكت حقا” إنها نكتة الموســـم ..لقد قتلتني والله ..بهذه النصيحة .. التي ستجعلني الآن أمــوت من الضحك.. ؛ وانقطــــع صـــوته . قلت :ألو..ألــــــو..لا جـــواب , وإذا بنغمة فصل الخط تؤكـــد إنقطاع الوصل..حاولت الإتصال به مرارا” وتكـــرارا”..لكـــن الصوت الذي كان يأتيني يــردد بأن الــرقم المطلوب ..مغلق وأصبـــح الآن خارج الخـــدمة ؛ أما الضـــوء فقد إختار آية من القرآن الكريم ” إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمـــون “وهـــــــــــذا جــــــزء من  مقـــال آخر على صفحـــه 217 كان بعنوان ” الحبربش .. وسلطان زمانه ” . .. المسؤول الكبير .. في كل زمان ..هو الحبيس داخل ديوانه أو مكتبه ثم سيارته وبيته ..حبيس أربعة جدران ..لا يرى أو يســـمع شـــيء إلا من خلال هؤلاء..يحيطون به من كل جانب، يغلقون جميع البوابات التي تنفـــذ اليــه، يضعون الحواجــــز الكونكريتيه بينه وبين من يحتاج اليهم ويحتاجون اليــه، يحجبون الرؤية عنه فهم عيناه وأذناه ولســانه .. وبالتالي يرى المجتمع والعالم من خلال تقييم هؤلاء، أو ما ينقلونه اليه بغض النظر عن دقة وحقيقة الأمـــور والقضايا والروايات والأحداث .. ليتعرف على ما يدور (حصـــريا”)من خلال الشاشة الأفضل والأحســـن والأكمـــل شـــاشـــة (الحبــــربــــش)؛؛ لأنها وحدها تستطيع جعل الأبيض أســـود وبالعكــس ؛؛ وبالتالي يصبح الأمـــر (سلطــان زمـــانـه)، حفظه الله ورعـــاه، أســـير هـــذه الشـــاشـــة ..؛؛ حيث يختار هؤلاء الموضوعات التي يشــاهدها ويتعاطى معها دون غيرها على وفــق منهـــاج هـــزيل معـــد لهـــذا الغـــــرض …..أما ضـــوء هذا المقال فكان قول للأمام علي بن أبي طالب عليه السلام (لا تضعــوا الحكمـــة فــي غيـــر أهلـــها فتظلموهــا، ولا تمنعوهــا أهلــها فتظلمـــوهــم) .

 

مشاركة