مسرور بارزاني.. كردستان شريك تأسيسي وليس تابعاً أو طارئاً- د فيان فاروق

كردستان بين المطرقة الاتحادية وسندان الحقوق الدستورية.. مسرور بارزاني يرتقي بكرامة الإقليم

 

د فيان فاروق- اربيل

د. فيان فاروق

وضع رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، أمس، خريطة طريق واضحة لفهم طبيعة الصراع القائم بين أربيل وبغداد، وأعاد التأكيد على أن كردستان ليست جزءاً تابعاً، بل شريكٌ تأسيسي في العراق، لكنه يُعامَل اليوم كما لو كان كياناً طارئاً.

حواره السياسي المهم مع قناة “الشرق”، لم يكن دفاعًا عن حكومة، بل عن كرامة شعب، يُصر على العيش بحرية ويتمتع بحقوقه، إلا أنه بالعكس من ذلك يُحاصر بالقرارات المركزية، ويواجه بأذى التجويع الممنهج، ومنع مستحقاته المالية المشروعة التي كفلها الدستور.

ومن أهم ما جاء في إحدى فقرات المقابلة، رفض مسرور بارزاني بشكل قاطع ربط رواتب موظفي كردستان بالمزاج السياسي في بغداد، مؤكدًا أن هذه الحقوق المالية ليست فضلًا من أحد، بل حقوق دستورية يدفع المواطن ثمنها الباهظ يوميًا عبر الضرائب والانضباط الوظيفي.

هذه الرواتب – التي تُقطع متى شاء المركز – تُستخدم كأداة خنق للإقليم، في خرق سافر للمبادئ التي تأسس عليها العراق الجديد، مما يجعل من السياسات الاتحادية الحالية، تشكل تهديدًا لوحدة البلاد أكثر من كونها إجراءات إدارية.

حيث يغرق الشرق الأوسط في دوامة الحروب، والدمار، والميليشيات، إلا أن إقليم كردستان بقي مثالاً للاستقرار والتعايش. ومع ذلك، لم تُكافأ هذه التجربة، بل واجهت حصارًا سياسياً واقتصادياً من الجهات التي يُفترض بها أن تدعم الأنموذج الناجح، لا أن تسعى لإضعافه!

فالخطر الأكبر، كما قال بارزاني، لا يأتي من الداخل الكردي، بل من تغوّل القرار الاتحادي وغياب النية الحقيقية لبناء عراق اتحادي تعددي، حيث تتحول الثوابت الدستورية إلى أوراق مساومة.

أما في قضية النفط، أوضح بارزاني: إن الإقليم لم يكن السبب في توقف التصدير عبر تركيا، بل كانت بغداد هي من تقدمت بشكوى قانونية عطّلت الأنابيب. والأسوأ من ذلك، على الرغم من أن الإقليم يطرح الحلول، لكنه لا يُقابل إلا بالمماطلة، وكأن المطلوب أن يختنق اقتصاديًا كي يخضع سياسيًا.

هذه ليست إدارة للموارد، بل إدارة للصراع بمعايير التخويف المالي. ومع ذلك، أكد بارزاني أنّ كردستان لن تتنازل عن حقها في إدارة مواردها وبما يخدم مواطنيها ويضمن كرامتهم، في إطار الشراكة.

وبشأن حماية أرواح المدنيين، رحّب بارزاني بالحوار بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، مشيراً إلى أن استمرار القتال حول القرى الكردية دمّر أكثر من 800 قرية، ومنع آلاف المواطنين من العودة إلى أراضيهم.

إقليم كردستان، كما قال، لا يمكن أن يكون ساحة لتصفية الحسابات بين الآخرين. هذه رسالة إلى كل من يستسهل التدخل في سيادة الإقليم، بأنّ كردستان لن تقف صامتة أمام استباحة أراضيها بحجة الصراعات الإقليمية.

رئيس الحكومة أعلن بوضوح أن التفاهم السياسي مع القوى الكردية يسير باتجاه تشكيل حكومة تمثل جميع مكونات الإقليم، وتحترم نتائج الانتخابات، وتكمل مسيرة الإصلاح والبناء، لا أن تعود إلى الوراء.

أما فيما يتعلق بمنصب رئاسة الجمهورية، فيراه أمراً نهائياً وثابتاً وغير خاضع للمساومة، بل استحقاق قومي للكرد، وإشارة رمزية إلى الشراكة الوطنية. فأية محاولة لتغيير هذا التوازن السياسي هي استهداف مباشر للكرد، ومؤشر على نكوص العملية السياسية في بغداد.

وفي خضم هذا المشهد السياسي الذي يزداد تعقيدًا، برز صوت مسرور بارزاني ليقول ما لا يجرؤ كثيرون على قوله: كردستان ليست عبئًا على العراق، بل ركيزة أساسية في استقراره، وحرمانها من حقوقها يُقوّض وحدة العراق من جذورها.

رسالته كانت واضحة: لن نكون تابعين، ولن نصمت عن الظلم. سنبني كردستان التي نحلم بها، بالشراكة أو بالاعتماد على أنفسنا، لكننا لن نفرّط بكرامة شعبنا، ولا بحقوقنا التي دفعنا ثمنها دماً ونضالاً.

مشاركة