مزاد علني والدين للبيع (1)

 مزاد علني والدين للبيع     (1)

 ألا اونا، ألا دوي، ألا تري ابدأ مزادي العلني بسعر و ثمن عدد تلك الايام التي كبرت و نشأت و ترعرعت بها و عدد ساعات سهرها … تتلوها عدد ساعات عمله لتوفير لقمة العيش لنا .مزاد علني من يدفع لي مالاً ثمن عمريهما و يأخذهما … ها هما أمامكم الا اونا ، ألا دوي، ألا تري فانا لي حياة و لي عائلة لا تطقهما اضافة لذلك لا أستطيع تحمل شكواهم و انين مرضهم و ادويتهما … هلموا و تجمعوا فأنا أبيعهم لمن يريد حتى و ان كان سعراً بخس المهم راحة بالي وراحة عائلتي من صداع سببه كبر سنيهما انظروا الى دموعهما و الى انكسار نفسيهما فهما مازالا يشعران بنا و لا يريدون فقدنا فمن يريد ان يفتتح المزاد و يزيد سعراً .

ألا اونا، ألا دوي، ألا تري مواصفاتهما متميزة فهما لازالا قادرين على العطاء لازال لهما قلب نابض بالخوف عليك . يفز قلبيهما اذا اصابك مكروه و يتحسرا الماً اذا اثقلتك الهموم . لا يريدون سوى ابتسامتك و راحة بالك كبرت في كنفهما و أشتد عودك بعدما ذبل عودهما . يصلون و دعاؤهم يحيط بيك ان يحفظك الله من كل سوء و يقيك من كل نفس أمارة . يتضرعون الى الله ان يحيط حياتك بكل بسعادة وان يريح بالك و يبعد الله همومك و شرور الدنيا عنك. مازالا يستطيعون دفع الاذى عنك وانت ناكر للجميل مازالا يبحثان عن مبرر لك رغم وقاحتك و تحججك . رغم صوتك العالي الذي يفجر طبلة اذنيهما و يسبب إنكسار نفسهما …. ألا اونا، ألا دوي ، ألا تري الوالدان في زمننا أصبحى سلعة ما ان نستهلكها وتبل? الا واصبحت في طي النسيان بعد ان استهلكنا و استنزفنا الوانها المشرقة لنظهر بأبهى حلى و تنطفئ الوانهم حتى بكل قلب قاس نرميهم في دار العجزة و المسنين فنحن لدينا عائلة جديدة لابد ان ننساق لها طوعاً برضى الزوج او الزوجة و نرمي من تعب و سهر و ضعف عوده حتى يقوى عودنا. من المؤسف جداً ان نرى مثل هذه التداعيات على اهلنا نتبجح اننا لا نسطيع العناية بهم لكي نرسلهم لدار العجزة و المسنين و هناك الأكثر الماً و الذي يجعل راسك يشيب من صدمة ان هناك من يضرب والديه و يحرقهما او من يرفض الصرف على علاج و أدوية والديه بحجة ان اطفاله وزوجته اولى بهذا المال …. كم و كم من القضايا التي تخص عقوق الوالدين تجعلنا نصاب بصدمة فنفقد القدرة على الكلام و نصاب بسكتت البوح و تتلعثم الحروف في الفم و يبقى العقل مشدود من هول ما يفعله الكثيرون … حينما تسمع ان رجل طاعن بالسن يتعرض للضرب قد تظن انه مشهد من مسلسل سينمائي لكن الحقيقة هو مشهد لواقع مرير يتكرر في العديد من الدول . و هناك في زوايا من زوايا الحياة نجد مسنين يتلحفون دموعهم و يقتاتون على الحسرات دون ان يلتفت لهم احد . هم ليسوا بحاجة للمأوى فقط هم بحاجة للحب الذي اعطونا اياه حينما كنّا صغاراً هم بحاجة للعطف والاهتمام هم في الحقيقة اطفال لكن أنهكهم القدر بعدما كبرنا نحن على حساب شبابهم و صحتهم و سنين أيامهم الجميلة . متناسين الايادي الحنونة التي تضمنا ليلا لننام باطمئنان ومتناسين ألمهم لاجل سعادتنا يحرمون نفسهم من المتع لاجل ان نستمتع نحن ثم بعد هذا يكون الصد و القسوة عقاب لهم .. متناسين فضل برهم و تاركين التزامنا الديني اتجاهما .  يقول الله في كتابة العزيز (( ? وَقَضَى? رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) سورة الإسراء

فالله سبحانه و تعالى لا ينزل ولا يخلق شيئاً عبثا و إن امر بالوالدين إحسانا فذلك لان منزلتهما عظيمة و طاعتهم واجبة فلا ينبغي لنا اهانتهما أو اهمالهما . و قد قال نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام “ليس منّا من لم يجلّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه” و هنا حثّنا فيه على ضرورة حسن معاملة كبار السن، والرحمة بهم، والإحسان إليهم، فالمسنّ تحديداً يمتلك مشاعر حساسة، ويحتاج إلى طريقة خاصة في الرعاية، بعد أن أصبح ضعيفاً يحتاج إلى مساندة جميع من حوله ليشعر بالقوة لأنّ شعوره بالضعف يفقده الثقة بالنفس والإحساس بالأمان. فاتقوا الله في اهلكم لكي يتقوا الله اطفالكم فيكم فالدنيا دولاب هوى يوم لك و يوم عليك فما عملت من خير عائد لك و ما عملت من شر عائد عليك .

تقول احدى الأمهات المقيمات في دار المسنين ” يمة هو ابني ما اكدر ادعي عليه يعني هو شنو بيده هم خطيه عنده زوجة و اطفال وين يوديهم وزوجته طردتني و كالت روحي اي مكان و الناس الطيبة جابوني هنا هم زينه العيشة و مهتمين بيا وبأكلي بس حيل مشتاقة لابني بلكي يمر ويشوفني اي حنان تملك هذة الام العظيمة و اي قسوة يمتلك ابنها تناقض المشاعر هنا يثير اشمئزاز النفس فكيف استطاع انسان كامل العقل ان يرمي جزءاً منه دون ان يفكر في عاقبته غداً . لكن يا عزيزي اعمل جاهداً و اكتنز بعض المال لأنك ستحتاجه في مستقبلك فما فعلته بوالدتك سيعود عليك و ستجد نفسك على قارعة الشارع فالله منصف و كما تدين تدان .

فاطمة ابراهيم الخرساني – بغداد

مشاركة