مذكرات الزنزانة 11 – إيناس علي
أحمد شاب طموح اثناء احتلال العراق ، وقعّ عليهِ ما وقع اعتقل بلا ذنب ، كحال الكثير من أبناء البلد ، يروي لنا مأساة ما حدث داخل سجن أبو غريب ، كان يطلق عليهم أسم المبتكرين ، لشدة ما عانى هو والمعتقلين ، يجسد سيناريو عشرين عام مضت ، وهو معبئ بالندوب الداخلية والخارجية ، مارسوا أبشع الطرق الدنيئة بحق الأنسانية ، فعلاً يبتكرون الألم بشتى أساليبه ، يزرعون فكرة الرعب المدججة بوجه العنف ، حقاً العذاب أصلهُ فن ، أبتكرهُ الأشرار لتحقيق غايات الطغاة ، تعريفهُ عدة وسائل من صعق الكهرباء الغرق بالماء قلع الأسنان ثمَّ يطلقون الكلاب لتنهش أجسادهم ، يمارسون اشد أنواع التعذيب لأجل أن يفقد المرء ذاته ، عبثاً يحاولون الفرار من كابوس يتخبط بهم لحظة بلحظة … بين أربع جدران يتقاسمون مائدة الحزن ، من يسمع نحيبهم والصراخ يعلوّ للسماء ، هل من منقذ ؟ نحنُ أبرياء نعاقب على جرم لا شأن لنا بهِ ، من يقاضيهم على هذه الأنتهاكات اللأ إنسانية ، ألا عقوبة عامة ، لا مفر من عدالة السماء ، كل شيء كان مدبر لهُ من السلطات العليا للمحتل ، ويروجون للعرب مدى تحضرهم المتمدن ، ويدعمون حقوق الإنسان والحيوان ، يتحدث وعيناه أغروقت بالدمع ، يستحضر الذكريات ويجبرهُ الشعور أن يتوقف ، يسردُ لنا مرارة الموقف ، كانت ندوبه تثير الشك والريبة ، قد سببت لهُ عاهات جسدية ، يصف لنا حرارة المشهد وداخلهُ بركان ، يغلي بتسارع الحالة الشعور والحديث يعصف هذا العالم ، متحدثاً عن قضية العدالة المفقودة ، أنها قضية أزلية لن تنتهي أبداً ، أصل كل حرب مبنية ذرائعها وأساساتها ودعائمها هو التعذيب ، يحاول جاهداً يطفئ سراديب الماضي ، أن يحيا حراً بلا أغلال ، سنبقى نحنُ معذبون ولا مكان لنا بهذا العالم ، غلقنا جميع أبواب الأمل ، كل شيء بهذه الحقبة يذكرنا ، مدى حقيقة أننا وقعنا بسراب ، أسمهُ عهد جديد لن نعلم أنهُ مهد الشيطان ، المحتل اشعل الفتيل وحرك الدمى بخيوط الحرير ، حقق نجاح باهر برفع الغطاء ، كي تتسلل جيوش فكرية معبأة عقولهم بالكره والأنتقام ، المضحك المبكي هم ذاتهم أبناء الدولة والوطن ، خرجت الكثير من أسراب الشياطين النائمة ، تنتظر اللحظة الموأتية ، حتى تكشر أنيابها أصبحو أعداء الداخل للشعب ، واليد العميقة تغلغلت مفاصل الدولة ، والقوى الخارجية تدعم كل عميل جبان ، حقاً علينا أنّ ننوط أكتافهم بأحذية الفقراء الشريفة ، وجباههم بتاج الخزي والعار ، تمّ هتك الأرض والعرض ، الآن نحيا في بلد ألا دولة ألا قانون ، بين الفينة والآخرى يتوجون أوسمة فشلهم الذريع ، بمنطقهم يحققون النصر عبر فضائيات العالم ، بقيافة وهندام رفيع المستوى ، مع بروتوكولات عالية وحضرة المعالي والسادة الكرام أليكم التالي ، مؤتمر يعلو يزهو كأننا حقاً بدولة ديمقراطية ، تحترم جميع المعتقدات والمذاهب ، أين حلّ عهد السيادة والهيبة ، والنسيج المجتمعي والعرقي هو شكل أطياف وطننا ، ما أل إليه الحال بسياسات كانّ تبثُ في الأبواق بعهد محتضر ، قضى على كل مفاصل المجتمع العراقي ، ذات الشخوص الظاهرة والباطنة بآن واحد ، تدعم وتدمر الشعب ، من البديهي جداً أن يمرُ بما يمر البلد ، بتعاقب اللأ أدارة للسياسات ، وأن تعمّ الفوضى والجوع القتل ألخ … متى يبدأ عصر جديد ، ونعاصر منهج يحتذى بهِ ، فالعشوائيات باتت تنذرُ بالخطر ، وتهدد المجتمع بجميع أصعدتهِ من الداخل والخارج ، أننا تاريخ ومهد للحضارات ، عثّ ما عثَ الجهل والفساد وسحقَ ما سحقَ من كرامة الإنسان ، علينا أن نصحوَ ونفيق من عبودية الجائرين بأسم الدين والتمدن ، كفانا تيهاً أسود يتخبط بين السراب والوهم ، والحقيقة أمام الأعين الشاهد الوحيد على الأزمنة الغابرة ، خطوة واحدة تبعدنا عن الحياة … أيها السجين لا تأسى على جرحكَ النازف ، ومعاناة هزت عروش الأنسانية ، أنتَ اليوم فخراً عزةً وشموخ ، أن تقف أمام الكاميرا تتحدث عن مأساة الكثير بفكر واحد ، حقاً شجاعة يشار إليها بالبنان ، دونَ التاريخ والأجيال حقبة الظالمين ، فمن رحم الظلام يولدُ النور …
– بغداد