مجموعة قصصية قصيرة (1)
امرأة السوق
دخلت إلى السوق.. بنظارة وغنج, عباءة سوداء تلف جسدها النابض تتنقل أعينها في أرجاء السوق استقرت رغبتها على احد باعة الفواكه !
هيأتها تلفت أنظار الناس من حولها .. غير مستقرة.. تتلفت .. تبتسم .. قلقة تخفي أشياء في دواخلها ونواياها ..!
الكل يرمقها بنظرات مختلفة , كل حسب ما في قلبه ..
استقرت عند بائع الفواكه في مقتبل عمره ينفث دخاناً من سيكارته التي لا تفارق فمه عندما رآها ..! كأنه كان يتابعها النظرات عند دخولها اقتربت منه لتسأله , لم يسمع ما قالته كان يركز في مخيلته وانشغل في متابعة النظر لتفاصيل وجهها النابض . وهو على حاله هذا , استغلت الموقف وأخذت بانتقاء أفضل أنواع الفواكه وانتبهت اليه وهو يرمقها بنظرات لئيمة أزاحت عباءتها عن جسمها بعض الشيء لتبين مفاتن جسدها اللاهب تشجع قليلاً وامتدت يده ليلمس يدها في محاولة لجس نواياها..
وجاءت ردة فعلها سريعة جداً .. وصرخت به واعتدلت في هيأتها واخفت ما كان ظاهراً وهي تزمجر بكلمات قاسية وتتهمه بالاعتداء عليها .. هو لم يصدر منه ردة فعل ابداً ! وظل في حسرته ، وكأنه كان يريد أن يبقى على هذا الحال يبدو أن الخطة قد نجحت هكذا كانت تقول في سرها وهي تلملم الأكياس المملوءة بالفواكه وتتركه من دون أن يسألها عن ثمن الفواكه ..!
من الرابح ومن الخاسر في جولة السوق هذه ؟
وهل عفاف المرأة وقيمتها تساوي بضع تفاحات ؟
يوم شتائي
يوم شتائي .. هواء بارد يلفح الوجوه .. في سوق يقسمه شارع يكاد يكون خال من المارة إلا قليلاً ..
توقفت عجلة صغيرة من نوع البيك اب حمل صغيرة وإذا بالسائق يلقي علي التحية الصباحية .. اقتربت منه قليلاً وأمعنت النظر فيه وإذا به احد الأصدقاء من الريف ، رددت التحية له بمودة واشتياق ، وهممت أن اسأله عن أحواله طيلة هذه المدة التي لم أره فيها وقطع علينا ذلك صوت نسائي من الحوض الخلفي للعجلة .. ألقت التحية من وراء حجاب اسود ودققت في صوتها فإذا هي زوجته تجلس مع بناتها ..
رددت التحية مسرعاً وأنا مستغرب !
واتجهت صوب صديقي وأنا أعنفه بكلام قاس وألومه لأنه ترك زوجته في المقعد الخلفي المكشوف وقساوة البرد..!
رد علي مسرعاً بابتسامة عريضة وكأنه كان يتوقع ذلك !
قلت لها ذلك أكثر من مرة سيلوموني الناس في ذلك ولكنها أصرت على الجلوس في الحوض الخلفي ! لم أقتنع بالإجابة منه وردت هي باستحياء وكيف اجلس بجنبه والناس يتطلعون ألينا هل نحن فرجة .. عيب ..! وكيف يتساوى الرجال بالنساء .. هم في المقدمة ونحن خلفهم دائماً .
في البداية أحسست بعدم الرضا ولكن أطمأن قلبي أخيرا لا ادري .. هل نحن متسلطون الى هذا الحد ؟ ولكن المرأة تحترم الرجل وفق ما تراه هي ..!
صوت امرأة
مساءً يخرج الناس للسوق ، وعادة ما يبحثون عن احدث الموديلات للملابس وهذا ما تفعله النساء والصبايا خصوصاً ، ومنهم من يخرج للنزهة وقضاء الوقت أو انه قد يصادف أشخاصاً لم يرهم من مدة طويلة !
أو كسراً للملل في حياته وأنا أترقب واجهات المحلات لمحت شخصاً أكاد اعرفه وأنا أحاول أن أتذكره .. اقتربت منه وتبينت ملامحه جيداً أنه هو !
ألقيت عليه التحية انتبه الي .. تبسم في وجهي وعرفني تعانقنا بحرارة ومودة اختصرنا فيها سنين القطيعة . كان يجر عربة صغيرة يجلس فيها طفل صغير يكاد يغفو وفي حجره لعبة .. وقبل أن نفتح حديثاً وسؤاله أين أنت ألان ؟ كيف ألقاك مجدداً !
سمعت صوتاً لامرأة تسير أمامنا ترتدي بنطلوناً جينزاً وبتسريحة شعر ملفتة للنظر ..! كأنها عروس لتوها .. أشارت بإصبعها لكي يتبعها مسرعاً وهو يجر العربة وبلا تردد انسل من بين أسئلتي وحديثي وقطعه ، وتبع زوجته لتعطيه كيساً بحاجيات ليحمله وهو ينظر إليها طائعاً مبتسماً ..!
أردت أن أناديه ولكن حقاً أسفت لما رأيت أين الرجولة في ذلك ..
نون النسوة غلبت على أمرها واستغلت طيبة زوجها .. هؤلاء نسوة ( مسترجلات ) .. ولكن قد يكون الحب وتلبية كل ما يود المحبوب من طلبات .
امرأة الطفل
امرأة في متوسط عمرها.. الهموم بادية على قسمات وجهها الباهت افترشت الأرض .. ليس المهم كان الوقت صيفاً أو شتاءً سيان عندها الأمر واعتادت عليه . أمامها كومة من ( المكانيس والليف ) لبيعها , يغفو على حجرها طفل صغير يفز بين تارة وأخرى على أصوات البائعين المنادين على بضائعهم في السوق وذبابة تقف على وجهه لتقلق نومه المتقطع !
هي .. تنادي على سلعتها وترغب المارة من أمامها .. لم ينلها الملل والتراجع في ذلك يوماً , اعتادت عليه وأصبح من طقوس حياتها اليومية علها تجد ما يسد به رمق عائلتها التي لا تبخل عليهم ابداً فهي تأتي بكل ما تحصل عليه .. همها إسعادهم قدر ما تستطيع وما يرزقها الله من خيره.
قطع عليها ماهي فيه رجل في آخر العمر بصوته الأجش وهو يعنفها وهي تترك صغيرها ولا تبالي به ويلومها لأنها لم تتركه في البيت ويقول لها ارحمي به يا امرأة ..!
فردت عليه وهو يغادرها ارحمني أنت يا رجل بالله عليك . من الذي اجبرني على المر . وصلت كلماتها الى المبتغى وفي قلب ذلك الرجل وهو يستدير ودمعة ذرفها من عينيه تحامل على نفسه وبادر الى نجدتها وهو يشتري كل هذه الحزمة التي أمامها .. تهللت أساريرها فرحاً وهي تسمع كلامه المليء بالرحمة .. ولكن وما يفعله هذا الرجل بكل هذه المكانيس والليف ..؟ وهل سيأتي كل يوم ليعتني بهذه المرأة وعيالها .
محمد بدر – بغداد
AZPPPL