ماجد الكلابي
يشهد العراق في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في ظواهر الاعتداء على المعلمين والمدرسين، تلك الطبقة التي تُعدّ عماد بناء الأجيال وصناع المستقبل.
هذه الظاهرة، التي أصبحت شبه يومية، تثير تساؤلات عميقة حول أسبابها وتداعياتها على المجتمع. فما الذي يقف وراء هذا التحول المقلق؟
يمكن إرجاع هذه الظاهرة إلى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. المعلمون، الذين يعانون من رواتب متدنية وظروف عمل صعبة، يخرجون غالبًا في احتجاجات للمطالبة بحقوقهم، لكن الاستجابة الحكومية غالبًا ما تكون قمعية، كما حدث في الناصرية وكركوك، حيث استخدمت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع والضرب لتفريق المحتجين. هذا القمع يعكس ضعف هيبة الدولة وغياب سياسات فعّالة لحماية الكوادر التربوية.
والانحدار الأخلاقي والتربوي في المجتمع يلعب دورًا كبيرًا. ففي ظل غياب التوعية بأهمية دور المعلم، أصبحت الاعتداءات من قبل التلاميذ أو أولياء الأمور شائعة، كما رأينا في أحداث ذي قار، التي وصفت بـ”الكارثة الأخلاقية”. هذا يعكس تراجع قيم الاحترام التي كانت سائدة سابقًا.
الفساد الحكومي وسوء الإدارة يفاقمان المشكلة. الحكومة، التي يصفها البعض بالفاسدة، تفشل في توفير بيئة آمنة للمعلمين، مما يجعلهم عرضة للعنف دون رادع قانوني فعّال. هذا الواقع يهدد مستقبل التعليم ويزرع اليأس في نفوس المربين.
إن استمرار هذه الاعتداءات ينذر بانهيار منظومة التعليم، ويتطلب تدخلاً عاجلاً من الدولة والمجتمع لاستعادة هيبة المعلم وحماية دوره الحيوي في بناء العراق.