(كلام الناس) يرصد الواقع المؤلم للأهوار بعد جفاف مياهها
هلاك الجواميس ونفوق الأسماك وهجرة جماعية للسكان
ذي قار – سعدون الجابري
فريق برنامج ( كلام الناس ) على قناة (الشرقية) كانت له زيارة قبل سنتين لأهوار الجبايش عندما كان الهور مزدهراً .. و بعد إنحسار مياه الأهوار وجفاف المياه كرر الزيارة لاستطلاع و ضع السكان مع المهتمين بشؤون الأهوار والتراث . وقال معد و مقدم البرنامج علي الخالدي لـ( الزمان ) ( حقاً انها زيارة مؤلمة.. الهور مات و السمك مات والجواموس مات و الطيور هاجرت .. كل شئ هنا بالأهوار أنتهى و الحياة أصبحت صعبة للغاية )مضيفا (كذلك بسبب الجفاف أرتفعت نسبة الملوحة بمياه الأهوار الشحيحة التي وصلت الى أكثر من 3000 درجة ، و بذلك تخرج الأهوار عن الأستخدام البشري الحيواني للماء ، و منسوب الماء في الأهوار أصبح 75 سم بعد أن كان أكثر من مترين .وتوجد بالهور علوة لبيع الأسماك و كذلك الحليب ، سابقاً يدخل العلوة أكثر من 100 طن من أنواع الأسماك يومياً ، و حالياً يصل العلوة أقل من طن للأسماك .. و فقدت أشهر والذ أنواع الأسماك منها البني و الكطان و السمتي و غيرها ، و كما يعلم الجميع أن الأهوار أنظمت الى لائحة التراث العالمي في عام 2016 ? و الأن أهوارنا أصبحت أراضي ترابية جرداء .. دون أي تحرك من الحكومات المتعاقبة لإيجاد الحل للأهوار و ساكنيها).
من جانبه تحدث أستاذ السياسات العامة في جامعة ذي قار نجم الغزي (أنتشرت حالات عدة بعد جفاف الأهوار منها هلاك الجواميس نتيجة شحة الماء و زيادة نسبة الملوحة التي تعدت الـ 3000 درجة .. وأرتفاع أسعار العلف للجواميس ، فضلاً عن نفوق الثروة السمكية و هجرة أنواع الطيور وأشهرها الخضيري و الوز و غيرها) .وبين الغزي (موضوع جفاف الأهوار أصبح ثانوي للحكومة .. حيث هناك مشاكل من دول المنبع و هي تركيا وسوريا و إيران ، و لحد الآن لا توجد لدينا إتفاقية بحصة الماء للعراق ، عدى إتفاقية ( هزيلة ) و قعت عام 1946 وإتفاق مبادئ عام 1987 مع تركيا .. ومع سوريا كانت في عام 1989 يعطى للعراق نسبة 58 بالمئة من نهر الفرات .. و42 بالمئة الى سوريا ، و هذه الإتفاقيات معطلة الآن ، و العراق مهدد بقطع الماء من دول المنبع .. التي ضربت الإتفاقيات المتعلقة بالحصص المائية للعراق ، و هذا بسبب سوء الإدارة في داخل الدولة وتحديداً وزارة الموارد المائية ، و العراق لم يرفع صوتة للمطالبة بحقوقة المائية للمحافل الدولية).موضحاً ( بعد عام 2003 والحكومات المتعاقبة لم تولي أي إهتمام لهذا الموضوع المهم ، نرى الآن هجرة جماعية من أهوار الناصرية بصورة عامة .. و كذلك من مدنها في الجنوب و الغرب و الشرق ، رحلوا الى مناطق كربلاء و النجف و لناحية الحيدرية للبحث عن المياه ، حيث بهذه المحافظتين أزدادت نسب الهجرة من مدن و أهوار الناصرية ، و الآن هناك هجرة جديدة لمحافظة المثنى و أيضاً للحلة) . لافتاً إلى أن (هناك مشاكل عشائرية تحدث بين الحين و الآخر بسبب الحصص المائية ( المراشنة ) ، تحدث بالناصرية و كذلك في العمارة و البصرة و ديالى ، كما هناك تجاوزات على المياه من قبل أشخاص متنفذين و بعض السياسيين الذين يستولون على حصص مائية كبيرة لبحيرات الأسماك الخاصة بهم .. و هذه مشكلة لم تعالج).
* من جهته بين رئيس منظمة الجبايش البيئية الناشط رعد الأسدي ( للأسف ملف المياه بالعراق هو آخر ما تفكر به الدولة .. المفروض يكون بالأولوية للثروة السمكية و الحيوانية ، و هذا سوء الإدارة و مشاكلها في توزيع المياه بين المحافظات ، و كذلك تلوث المياه الذي لم يعالج ، و المتغيرات المناخية القت بظلالها على سكان الأهوار ، و معيشة الناس هنا تربية الجاموس و صيد الأسماك و الطيور ، نحن كنا من الداعمين للجانب السياحي الذي يوفر مردودات مالية كبيرة للدولة ، لكن للأسف السياحة أنتهت وأنتهت الأهوار وماتت الأسماك والجواميس والطيور غادرت للمجهول) . وأوضح الأسدي (منذ أكثر من ستة أشهر أنتشرت أمراض الكوليرا والطفح الجلدي وتسمى (جدري الماء ) و مرض ( أبو زرير ) ، أنتشرت الأمراض بين الأطفال و كذلك عند الكبار ، لم نرى أي تحرك من وزارة الصحة أو دائرة صحة ذي قار .. وهذه الأمراض معدية ). مطالباً( الحكومة المركزية بإنشاء السدود والخزانات الكبيرة لخزن مياة دجلة و الفرات و شط العرب ، وحجز المياة هذه مع مياه السيول والأمطار في سدود و خزانات عملاقة ، كون هذه المياه تذهب سداً الى البحر عبر الخليج العربي) .
ماء عميق
وأوضحت السيدة أم علاء ( أنا فقدت 30 رأس جاموس بسبب شحة الماء و الجفاف الهور ، كون الجاموس يحتاج الى ماء عميق مترين أو أكثر ، و الآن الماء قليل في بعض مناطق الأهوار ، والسبب الثاني غلاء العلف الحيواني ونحن غير قادرين على توفيره ، كنا نبيع الجاموسة الواحدة بأكثر من مليون والآن وصل سعرها من 200 – 300 الف دينار .. وبيعها بصعوبة ، كان عدنا علف للجواميس البردي و القصب بالهور ، الآن لا يوجد علف عدى الموجود بالأسواق و اسعاره غالية جداً ).
وشكى المواطن أبا عبد الحسين ( نحن كنا نعمل بتربية الجواميس و صيد الأسماك و الطيور .. لكن بعد جفاف الأهوار فقدت 13 رأس جاموس ، و باقي الناس نفس الحال فقدوا الكثير من الجاموس ، و وضعنا المعاشي أصبح صعب جداً .. النخالة هي علف أساسي (لحلالنا ) لكن الحكومة لم تلتفت لنا) .
و بين صاحب الزورق أبا حيدر (الهور قبل أكثر من سنتين كان عامراً و الحمد لله ، لكن الآن الهور أصبح أرض مكسره و وعرة بعد أن جف الماء فيها ، نحن أصحاب ( الشخاتير ) كان عملنا خير من الله .. ننقل السياح الأجانب و العرب والعراقيين فضلاً عن السفرات العائلية ، اليوم شلت الحركة هنا تماماً و الناس فقدوا أعداد كبيرة من الجواميس ، وموت الأسماك المتبقية في برك صغيرة مالحة ، و هنا أنتشرت أمرض جلدية معدية بين الصغار و حتى الكبار ، لم نرى فرق صحية تزور سكان الأهوار وتتابع الناس المرضى ، و الكثير منا هاجروا للبحث عن الماء في كربلاء والنجف و الحلة والسماوة و العمارة ).
وأوضح مربي الجاموس أبا حسين ان( جفاف الأهوار كارثة على عباد الله .. معيشتنا على تربية الجواميس نستفاد من حليبها و القيمر و الجبن فضلاً
عن التجارة بالبيع للجواميس ، الآن توقف البيع و الشراء .. حتى سعر الجاموسة أصبح أقل من 300 الف و لايوجد من يشتري بسبب شحة الماء و غلاء العلف ، ماتت عندي 9 جاموسات و الناس فقدت الكثير بسبب أرتفاع سعر العلف و جفاف الماء بالأهوار) .
فريق عمل (كلام الناس) ضم :- الإعداد والتقديم : علي الخالدي،مخرج ميداني ومدير التصوير : عمر الجابري،تصوير : أسامة المفرجي ،درون : علي الطرفي، المتابعة الصحفية : سعدون الجابري، مونتاج : عمر مظفر وأدريس الكعبي.