قصص قصيرة جداً

قصص قصيرة جداً

حنون مجيد

شناشيل

الموكب الذي سار محفوفاً بالموسيقى وقطع الشارع من أوله حتى آخره، انتهى ببيت الشناشيل. هناك ارتفعت الموسقى وتعالت أصوات المنشدين، وزفت العروس المحلاة بالذهب الى بيتها الجديد. ومن فتحة صغيرة في قبو، كانت نظرة كسيرة ترتفع على جسد يرقص وأمنيات تتداعى… يا إلهي ما أجملها من أعراس، أعراس أصحاب الشناشيل!

بائع شعر البنات

يجلس على الرصيف الوسط يعالج فردة من نعليه تحللت سيورها ، بين أن ينشغل بترميمها أو لمّ أكياس شعر البنات التي انفرطت من عودها وقد تأخذ بها الريح، يرمي بنعليه معاً وسط الشارع لتهرسهما  السيارات، ويمضي يلمّ أكياسه ويهبط وسط الشارع الحار، يبيع حافي القدمين شعر بناته الحمر.

  حوار الحق والباطل

يمشي الحق مكلوماً بحجارة الطريق، بينما يمشي الباطل مزهوّاً بحذائه الجديد. يسأله / بكم اشتريت حذاءك هذا؟/  بمثقال من الذهب. / وما الذهب يا ترى؟ / ألا تعرفه؟ / لا والله. / لقد صدقت؛ ذلك أنك حتى لو رأيته لما عرفته لأنه ليس من معدنك!

الرسام

يهوى رسم الطبيعة، يتجول في غاباتها، جبالها، أنهارها، طيورها حيواناتها، يعود كل حين منها بلوحة جديدة لا تشبه غيرها، لكنه لما توغل اليوم صعداً في أرجائها ، وأعدّ عدته، توقف فجأة ومزق ورقته، إذ رأى صياداً يعد هو الآخر عدته.

عين الشمس

في الطريق إلى البصرة والفضاء مفتوح، وفائزة تغني جيالك؛ أراكِ في الشارع الطويل وفي أعمدة الكهرباء، في السعادة المطلقة، في الرغبة فيك، في عين الشمس الكبيرة التي تحاذي الأفق، حتى لأقول لها؛ يا لك عين الشمس من عينٍ، كم أنتِ حاسدة!

يا زهرتي

يحبها لكنه يتكتم على مدحها، وعندما جاورها على سرير نومها لتعد له إفطاره، فزت سعيدة من نومها فقبل لحظات كانت تحلم أنه يقول لها يازهرتي.

أول مرة

الطريق إلى البصرة ممتد والفضاء مفتوح وفائزة تغني؛ أخاصم عينيّ لو قابلت عينيك وقالت تشوفك، وخاصم إيديّ لو شاورت عليك أو شاورت لطيفك، ويداكِ بين يديّ ولا أشبع من عينيك، كانت فائزة، أول مرة، تغني بهذه العذوبة ولا تقول الصحيح

راكب ما

الراكب المتصدر مقاعد الركاب يواصل تدخينه بالتذاذ متصاعد مع نوادر السائق الذي يجلس إلى جواره. نظراته متآخية مع دخانه الشارد عبر نوافذ العربة، يسمع أو لا يسمع بعض دمدمات خلفـــــــه. بإصبع صفراء ونفس متطامنة يشــــير إلى السائق أن توقف ويهبط. لم يفطن الراكب هذا إلى ما خلف وراء ظهره على  رؤوس الركاب أو ملابسهم من رماد سيجارته.

الرحمة الواسعة

تحت وابل من مطر غزير ضاقت به الشوارع والساحات، آثرت المرأة الجميلة أن تسير. تجاهلت أبواق السيارات، والسيارات التي وقفت لنجدتها، ثم انها رفضت المظلة التي سارع بها رجل إليها. كانت برغم تزايد الريح وعصف المطر والتصاق ملابسها على جسدها المرتعش، تمضي صعداً وتقول؛ من يريد لي الإحسان لا يمنع عني هذه الرحمة الواسعة.

الأبقى

أرجىءْ موعدك مع الطبيب، دوّنْ قصصك على الحاسوب أولاً، فهذا هو الأبقى.

طبيعة الإنسان

حينما فتح حي بن يقظان عينيه على غزالة صاح يا أمي، وصاحت الغزالة يا طلاي، يا ولدي، فاجتمعا بشراً وحيواناً أنتجا طبيعة الإنسان.

نهر صغير

تخلفتُ عن موعد معه فبادرت للإعتذار، لكنه أغلق هاتفه، فلم أعد أسمع منه أو يسمع مني، قلت هذا حتى الآن نهر صغير عليّ أن أطفره، فطفرت.

على الرصيف

السيارات  مسرعة؛ سواقَها موتورون أشبه بعمي في سباق محموم ، وهي تمشي الهوينا مختالة على رصيف خلا من الناس، كان حزنها الشديد؛ أن الحرارة مفرطة هذا اليوم، حتى أنها لا تسمع بوقاً يغازلها.