قصص قصيرة جداً – نصوص – ثامر مراد

قصص قصيرة جداً – نصوص – ثامر مراد

-1-

سيارات لاتعد ولاتحصى تنطلق في كل ألأتجاهات وشوارع تكاد تختنق من شدة المرور اليومي. وقفتْ تتلفت ذات اليمين وذات الشمال تحاول عبور الشارع المميت. تحمل كيساً على راسها كتلك الفلاحات القادمات من أعماق الريف. وقفتُ الى جانبها لاأعرف ماذا افعل؟ أنا ألاخر في حيرةٍ من أمري ..كيف أعبر الطريق وجريدة الزمان في يدي عند ساعات الصباح ألأولى . تقدمتُ نحو شرطي المرور أتمازح معه. ” هل تستطيع أن تقذف بي وبهذه العجوز الى الطرف ألاخر من الشارع..لانستطيع العبور” . دون أن يرد علي أخرج من جيبه صفارة أطلقها في الفضاء الفسيح كأنها صوت تنين خرافي. توقفت جميع السيارات كمن أصابه مس من الخوف والرعب. رافقنا الى الطرف ألآخر من الشارع وعاد الى مكان جلوسه. شكرا شرطي المرور.

-2-

دق هاتفي النقال عدة دقات متتالية. بسرعة البرق وضعت الهاتف قرب أذني اليسرى استفسر عن مصدر الصوت. قال بصوتٍ جميل ” هل يمكن أن تنتظرني على الطريق السريع في غضون دقائق سأكون بالقرب منك . لدي أمانة أرجو أن تأتيِ لأستلامها مني. ” ركضت نحو الطريق ونحو المكان المتفق علية. توقفت سيارة حمراء حديثة ترجل منها رجل وشاب. تبادلنا قبلات حارة. أخرج أربعة أقداح كبيرة مطبوع عليها صورته وصورتي وصورة أشاقئي – ألأكبر مني- . كانت هدية معنوية رائعة. كان الشخص هو الحاج خضير الجنابي وولده. تبادلنا القبل وعدت الى البيت وأنطلقا في إتجاه مركز المدينة. العم خضيري الجنابي ينتمي الى تاريخي البعيد قبل أكثر من أربعين سنة. شكر للحاج أبو سعد على هديته الجميلة الرائعة روعة روحه الشفافة.

-3-

تسابقت السيارات وترجلت الحمايات وأنتشر الحرس في الممرات. دخل المسؤول الكبير الى إحدى الجامعات . مسؤول مهم ينتمي الى فئة الرئاسات. لا أعرف لماذا راح هناك ؟ ربما أراد أن يلقيِ خطابا سياسيا على مسامع الطلبة والطالبات. ركضت نحوه أمٌ تتشح بالسواد تصرخ بأملٍ أن يستجيب لها لأنهاء محنتها التي تكتوي بها في الليل والنهار مثل بقية ألأمهات. توسلت إليه أن يجد لها حلاً لأبنها الفقيد المقتول أو المسجون في أحد المعسكرات . أشار لها بأستهزاء أن تصمت. راحت الحمايات تدفعها تضربها كي تسكت. ” أريد ولدي المفقود مع جنود سبايكر. ” إشتدت ضربات الحمايات وصرخاتها في الفضاء تتطاير. عاد المسؤول وتركها هناك تنزف حزنا وعويلاً وصراخاً على فلذة كبدها المفقود مع جنود سبايكر.

-4-

تعالت صيحات ونداءات أبناء الضلوعية لأنقاذ الجسر الخشبي الوحيد لأدامة حركة الحياة بين هذه الضفةِ وتلك الضفةِ هناك. الدولة مشغولة في قضايا لاتنتهي . لم تستجب أي جهةٍ رسمية لترميم الجسر أو تشييد آخر ينقذ المدينة بعد أن أعطت شبابا ورجالا في معارك الصد والهجوم. نام الشباب تحت التراب وظل الجسر شاهداً على تضحياتٍ جِسام. قرر الناس أن يجمعوا تبرعات لأعادة بناء الجسر. ألأ تستطيع الدولة أن تتبرع بعشرة ملايين من ألأموال المهربة الى الخارج لخدمة أبناء الشعب الفقير؟ مجرد سؤال.