قصص قصيرة جداًً

قصص قصيرة جداًً
علي السباعي
أرملة
زمـنَ الحرب.كنـا نقفُ طوابيرَ لشراءِ الخبزِ، كـــــانَ الناسُ يصطفــونَ صفيــن اثنين… صفاً للنساء وآخر للرجال، كان طابورُ النسوة طويلاً جدا كـأنه أفعى سوداء، وصـــفُ الرجالِ يتكونُ مــــن ثلاثةِ أشخاصٍ مسـنين وأنــــا، جـــــاءت أرملـــةٌ و اصطفــتْ فــــي طــابورِنـــا، خلفــــي مباشــرةً، أمرهـَــا صــاحبُ المخبز المصــريِ الجنسية أن تقفَ في طابورِ النســاءِ، فقالتْ بحدةٍ وهي تٌعَدِّلُ من وضعِ عباءتها السوداء الكالـحة وهــل هنالك رجـــال حتى أقف في صفهــم
رأي
دويٌ هائلٌ هَــزَ قلبَ العاصمـــةِ… إثـرَ انفجــارِ سيـــارة ٍ مفخـخةٍ… تناثرتْ أجســادُ المارةِ… انهــارتْ واجهــاتُ ألأبنيـــةِ المحـــيطةِ… تحطمــت السياراتُ… بدأنا بلـم أشــلاء النــاس… عثرتُ على قـَـدَمِ رجـــلٍ يمنى يغــطي ظاهرَهــا وشــمٌ ازرقُ ملطخٌ بالدماءِ والوحـــلِ… مسحتُهــا بباطنِ كفي اليمنى كُتِبَ بالوشمِ الأزرقِ كلُ النساءِ تحتَ قدمي ما عدا أمي.
محارب…
جنديٌ بزيِ القتالِ…كانَ جالساً بكاملِ عُدَّتــِـــهِ الحربية وسطَ جثثِ زملائهِ القتلى واضعاً بسطالــهَ الأســـودَ الثقيـــــل المُدمـــــى علـــــى صـــــدرِ جثــةٍ مُشَوهةٍ مدماة وهو يكــرعُ من قنينة شراباً ما، كإشارة علــــى مــا يشعـــر بــــه مــن أمــــــان.
اشتباه
عرائسُ ببدلاتِ الزفافِ مثــــلَ حمــــائمَ بيــــضٍ… ينتظرنَ أمام مديرية الأمــــن لاســـتلام جثث عرسانهن الذين اعدموا ليلـة زفافهــم لأنهــم يحملـون الاسمَ نفسهَ لشخصٍ أراد اغتيالَ الطاغية.
رزمة أسئلة
جـارُنــا الهاربُ مـــن الخدمة العسكرية… كــان يسكر كل ليلــة مــن ليالي حــرب ألثمانينيات حــد الثـَـمَل… يبدأ بعتاب أمـــه لِــمَ ولدتِني في قارة آسيا… لِـمَ ولدتني في العراق… لِـمَ ولدتني فــي الناصرية… ولِمَ ولدتني فـي شــارع عشرين… ولِـمَ أنا هارب؟
معركة
كنتُ جُنديا في الاهوارِ… اخترقت قطعـــــاتُ العدوِ الهورَ في منتصفِ الليلِ… الظــلامُ حالــــكٌ… إستَمكَنتها قطعاتُــنا الباســلةُ وأطلقتْ عليها وابلاً مـن صـنوف الأسلحة كافة… وعولجـت قطعاتُ العـــــدوِ بنيرانِ أسلحتِــنا الخفيــفة والثقيلــةِ… صباحـاً اتضحت الرؤية جيدا… لونُ مياه الهـور احمر… لم نجد جثــة أيٍ من جنــــود العدو… ما وجدنـــاه كــــان جثثاً لقطيع من الخنـــازير.
ثأر
جـاهــدَ جدي ضــدَ الإنكليز… كــان يقتلُ الجنديَ البريطانيَ ويأخُذ سـلاحـَه وعتاده ويدفنُه في بستانِه ويزرعُ فوقَ جثتهِ نخلــةٍ… صــارت فسيلاتُ النخيل تمــلأ بستانهَ… تحـتَ كلِ تالةٍ يرقدُ جنديٌ انكليزيٌ قَتـــلهُ جــدي… غــادَرنا البريطانيـــون… كبـرَ النخيـلُ… مــات جدي… كبرنا… شاخ نخيلُنا… احتلّنــا الإنكليزُ ثانيــةً… قامــوا باقتلاعِ كل نخيل جدي.
زائر
حربُ الخليج الثانية… شابٌ، وزوجتهُ الشابة، وطفلتُهما ذات الربيعين… نيام… اقتحمت شبـاكَ غرفتهم شظية قنبلـة أطلقهـا مدفعِ ما وقطعتهم… كُلَ جَسَد صارَ نصفين. .
جندي
بعد انتهاء المعركــــة، جندي يخــرج مـــن كيس الموتــــى ويقول لزملائــه
مهـــــــــلا مــــــازلـــت حيـــــــاً. .
قطيع الماعز
بعد عامِ ألفين وثلاثة… مَرَ قطيعٌ من الماعِز الأبيضِ باستثناءِ عنزةٍ واحدةٍ كانت بلونٍ اسوَد في الشارعِ الرئيسِ لمدينتِنا… ارتبكَ قطـيعُ الماعــزِ مذعــورا وَفرَتْ العنــــزةُ السوداءُ خائفةً من مرورِ عجــلاتِ الفرقةِ المجوقلة مئة وواحد الفرقة القذرة التي تحتلُ مدينتــَنا. راح راعـــي الماعـــز يجري وراءَ عنــزتهِ الســوداء حتى امسكها… انهــالَ يضربُهــا بعصاهُ بقــوةٍ وعنـــفٍ لأنهــاَ رفضَــت المسيرَ مع باقي القطيــع… تَدَخــلَ شابٌ من أهالــي المدينة مفتول العضلاتِ بإبعـــاد الراعي عــــن العنــزة السـوداء… وحملهــــا بين ذراعيه واحتضَنهــا بقــــوةٍ وراحَ يُمْطـِــرُها بوابلٍ مــــن القُبـــل… كــان جنودُ الفرقةِ القذرةِ ينظرون إليه بتعجبٍ وهو يهتُف في وجوههم يقولـــون إن التفــرقةَ العنصـــريةَ موجودة في أمريكـــا… لا… إنهــا موجـــودة هنا وهـــو يشيـــرُ بسبابتــِـه إلى راعــي الماعــزِ.
حظ عاثر
تهدم منزل صديقي الكائـن خلف الفندق الذي رسمت على أرضيـة مدخله صورة بوش الأب… نتيجة قصف القوات الجوية الأمريكية لهذا الفندق… أصيب صديقي بالقصف وطار نصف قحف رأسه… رقد في المستشــفى سنه ونصف السنة… تركته زوجتـه وقد أخذت معها أولاده… هو ألان يشحذ في الشوارع.
قناص
امرأةٌ… قلعت ريحُ السَموم النخلـةَ الوحيدةَ في حديقةِ منزلِها… علمـــت أن عزيزاً عندهـــا سيموت… فإذا زوجها قتلــه قناص أمريكي خطأً.
AZP09

مشاركة