قصة قصيرة
الطائر الذي بلله القطر
تعودنا مع مرور الايام ان لا نزعج بعضنا بالأسئلة او التساؤلات و لذا تأقلمت على النمط العاطفي بصعوبة . الذي لا مكان فيه للغيرة او الامتلاك صارت لقاءتنا محدودة تقتصر على المرة الواحدة خلال الاسبوع بعدما تخرجنا من الدراسة او لا تكون كذلك وعندما نلتقي نلتقي بشغف ولهفة حميمة ، ذات مرة عندما التقينا كانت تقول : انني احب الاستماع اليك جئتك بجوع مسبق اكون سعيدة اذا اختصرت معك يوما او يومين من الانتظار في حياتي يوم واحد في الاسبوع يعادل جزء كبير من العمر .
صار لقاءها لي عادة ياخذ جزء كبير من تفكيري طالما ورغم اني لا استطيع امتلاكها او بالأحرى هي لا تستطيع امتلاكي لكل منا طريقه الخاص لذا اكتفي بهذا اللقاء واكون سعيدا جدا عندما نلتقي . ميعادنا او الموعد الذي نلتقي معه لم يرتبط بزمن هذا الذي هو فترة من العمر تحددها السنين والذي لا علاقة له بالوقت انما يحصل دون أي تحضيرات او الاعداد له بل اغلب الاحيان يحدث مصادفة هذا القدر المتناهي في الصغر والذي يكبر عندما يحقق احلام الاخرين عندئذ نكون معا امام جدلية عجيبة ننسى العالم ونفكر في الجدران الأربعة او الفسحة التي تحوينا وتعزلنا عن خصوصيات الناس لأمر أو لهفة هي واحدة لنا نحن الاثنين ربما نختلف اختلاف معين عن اولئك العشاق الذين تكون رغباتهم متفاوتة جسدين مختلفين بضمان رغبة واحدة ، تجمعنا في كل لقاء السعادة السرية التي نمارسها دون قيد او شرط حتما بشرعية الجنون . عندما لا ألتقيها أتحرق إليها شوقا بحيث اعادل ذلك اليوم بحب الشهوات من النساء والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة لو التقيتها معتبرا ان الوقت الذي يمر دون لقاء يعادل امدا طويلا .
التقينا للمرة الأولى في السنة الأولى من دراستنا في الجامعة /كلية اللغات/ قسم اللغة الانكليزية كنا نتكلم اللغة الانكليزية بطلاقة صدفة هكذا كنا
قالت :
(( لا اعرف لماذا انا حزينة هكذا ))
كان جوابي لها :
)) ربما من مشاكل تلك التي تثقل كاهلك)) .
قالت :
((هذا الجواب اسهل مما كنت اعتقد ))
قلت مبتسما :
(( ان هذا الزهو الذي تجلى في حديثك دفعني الى الابتسام )).
خلال دراستنا اندلعت حرب الخليج الاولى واستمرت طوال فترة الدراسة انتظرتها ذات يوم في ردهة الاستقبال لنادي الطلبة جاءت بعد الانتظار الممل بعشرة دقائق فسحت لها المجال في الجلوس اكتملت دائرة الاصدقاء على الطاولة عندما جاء ثلة من طلبة شعبتنا فصارت دائرة مستديرة تلونت فيها الاحاديث عن الحرب والجبهة قال واحد منهم :
سيجندون الطلبة خلال العطلة الصيفية لا سيما طلبة الجامعات .
رد عليه اخر : وكيف لنا ان نحارب ونحن مثل النحل لم يتعلم الطيران بعد الى ان تمارس المجاميع الصغيرة الطيران مع النحل الكبير لمعرفة المعالم الضرورية الواجب معرفتها اذ المفروض بالحكومة ان تدرب الطلبة على السلاح وأساليب الحرب الحديثة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة .
قال اخر :
يا جماعة دعونا من احاديث الجبهة والحرب واقترح عليكم ان نذهب في سفرة الى مهرجان البرتقال في ديالى او مهرجان الربيع في الموصل نغير جو نشعــــــر براحة تامة ونتمتع باشعة الشمس العراقية الجميلة وعندها اقرأ على مسامعكم قصيدة ((تحت الشمس))
قال ثالث وهو ينظر الى الطالبات :
يا بنات عندي طريقة لفتح عقدة النصيب ..
قاطعته طالبة قائلة :
ما هي طريقتك يا (( برومثيوس )) لعلك تجلب لنا شعلة الضياء لتنير لنا الظلمة
ضحك الجميع على هذه المبادرة منها رد عليها :
طريقتي كما وردت على لسان بتول الخضيري هي (( اعطاء الفتاة ورق السدر مقروء عليه سورة البقرة تغتسل فيه اما المتبقي يجب ان يرمي خارج المنزل )) .
بينما نحن هكذا حتى طرق مسامعنا بيان عسكري مقاده احتلال جزيرة الفاو والخسائر التي تكيدها الجانبان .
بينما نواصل الاستماع واذا بقذيفة صاروخية اهتز لها بهو النادي بفعل الانفجار الذي حصل في البناية المجاورة لجامعة البصرة تمزق من فيها هرعت فرق الانقاذ وتكاثفت جهود الاهالي لإخراج الموتى الذين نزلت اسماؤهم في لائحة الشهداء غادرنا المكان على عجل ونحن في الطريق قال الذي تكلم اولا : سمعت ان منازل وسقف في مجمع سكني قد دمرت بالكامل كما قتل مائة الف نخلة اجبته:
شائعات لا تصدق هذه حرب نفسية يستخدمها العدو اثناء الحرب لإحباط عزائم الجند في سوح القتال الم تتذكر (( غوبلز )) وزير اعلام هتلر عندما كان يبث الاشاعات الكاذبة عن انتصارات الرايخ وهو مهزوم ثم صارت هذه النظرية مثل للكذب
(( اكذب، اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس)).
انسحبت معها من المجموعة للتفرد مع وحدة العشاق لنخط فضاءات ملحة في ماهية الهوى والغرام وصيرورة الأحلام لتهبط علينا من كل صوب كغيث الربيع المنهمر وتطلق انبعاثا من انفجار العواطف المتدفقة لحلاوة اللقاء العشقي للمحبين والحياة لترتبط وتتعلق برباط وثيق على هذا الكوكب .
قلت ونحن نسير بمحاذاة شط العرب الذي انشلت فيه الحركة .
سأجمع قوى حبي اليك ايتها الحبيبة واخذ اقلامي لأدون في أوراقك ذكريات ألمي وذلك في زوايا الليل حتى انشرها في فضاء الحب الرحب يسمعها العشاق المتجولون في صحراء الحزن والالم حتى تصبح صحراءهم فيما بعد خضراء تنبت فيها اشجار الخير والجمال ثم تتحول هذه الذكريات لتغمر صحراء ارواحهم وارواح الناس الاخرين ليعلن الإنسان ان صحراءه صارت تظم معرفة الدنيا لكل من يريد ان يعيش بسلام ويرقد بســــلام واوزعها حتى في قبور الاموات لتغدوا انفاسهم عميقة تغرق في بحار المحبة لتلقفه امواج الحنين لبحار الانسانية فتنتشي تلك الانفاس وتزرع بذرتها ليطغى الحب على كل الأحقاد وما يتولد من شرور على وجه الارض!!!
ضغطت على يدها وواصلت حديثي لها
معرفتي بك يا اعز الناس هي التي فجرت بي الحب وفي الوقت نفسه فجرها الحب فتحولت الى عشق حي وفعال يشتاق اليه قلبي ولا يموت ابدا اقول دائما (( الهي علمني كيف احيا من اجلك انت ثم الاخرين )) احبك لا لأني احبك انما قلبي هو الذي احبك احببت كثيرا من كل قلبي ليس حبا عشقياً انما حب حقيقي
كالمفكر (لوموميا) والشهيد (علي شريعتي) والاشتراكي الكبير (ابو ذر الغـفاري) هؤلاء الذين القوا الاحجار في المستنقع الاسن الذي كان غائبا في نوم الغفلة لتنوير عقول الناس وعندما اراك ارى اهلي ووطني لانك انت اهلي ووطني في روحي بالمعنى الصحيح انت التي تمنحين حياتي معنى وهدف وفلســفة للبقاء يقول الكتاب التقدميون ((على كل فنان او كاتب ان يحدد انتماءه الطبقي وعشقكي وحبكي هو الذي يحدد انتمائي لك وحدك دون غيرك لأنك كما قلت انت الهوية والوطن والاهل لذا أعلن للملا اجمع انك انت كل شئ في هذا الكون .
عانقتني وطبعت على خدي قبلة امام الناس دون ان تكترث لوجودهم لان وجودهم لا يعني لها شئ طالما هي معي وضعت يدها في يدي صرنا نهرول على الشاطئ توقفنا قليلا قلت لها :
– عندما اكون معك تكثر لدي الكلمات لان الحديث معك شهي ومغري لا تأخذينني ان تكلمت كثيرا .
بالعكس يسعدني حديثك عسل مصفى في قارورة الحياة استمر …
استرسلت بالحديث قائلا ….
احببتك كما احب ( مستر روتشيسنر ) (جين ايير) حينما قال لها على لسان كاتبة الرواية (( شارلوت برونتي )):(( ان أصارحك بحياتي الطافحة بالآلام…. ان اصف لك جوعي وظماي الى حياة اسمى واجدر … ان اظهر لك تصميمي الذي لا يقاوم على ان احب في اخلاص وقوة من يبادلني الحب في اخلاص وقوة وبعد ذلك كان يتعين علي ان اسالك ان تأخذي علي عهد الوفاء وتعطيني عهدك عاهديني الان على الوفاء )) …
رحيم حمد علي – العمارة
AZPPPL