قراءة لواقع ومستقبل العراق – كامل الدليمي

قراءة لواقع ومستقبل العراق – كامل الدليمي

لا يمكن أن تنفصل عن تاريخه القريب، ولا عن جغرافيته التي تجعله في قلب منطقة مشتعلة بالصراعات والتحولات. فالعراق يقف اليوم أمام واقع معقد يتداخل فيه الإرث الثقيل لعقدين من الأزمات مع الحاجة الملحّة لبناء دولة قادرة على استعادة دورها الإقليمي والدولي. داخليًا، يواجه انقسامًا سياسيًا واجتماعيًا يعكس تراكمات الاحتلال والصراعات الطائفية والإدارية، فضلاً عن اقتصاد مثقل بالاعتماد على النفط، وبنية تحتية لم تتطور بما يتناسب مع إمكانات البلد وثرواته. وخارجيًا، تحيط به صراعات إقليمية لا تهدأ، وضغوط دولية تسعى كل منها لجذبه إلى محور أو استخدامه كورقة في لعبة النفوذ.

ومع كل هذا التعقيد، تبقى هناك فرصة لبناء رؤية مستقبلية واقعية تتسم بالمرونة والصبر، حتى وإن كانت وتيرتها بطيئة كخطوات السلحفاة. هذه الرؤية لا تبدأ من طموحات كبرى بقدر ما تبدأ من أساسيات ضرورية: تعزيز الاستقرار الداخلي عبر بناء عقد اجتماعي يطمئن جميع المكونات ويقلل من أسباب التوتر، وإصلاح المؤسسات لتكون أكثر كفاءة وشفافية، وإيجاد بيئة تشجع على عودة العقول العراقية المهاجرة التي يمكن أن تشكل رافداً للتنمية.

اقتصاديًا، لا يمكن للعراق أن يظل أسيرًا لأسعار النفط وتقلباتها، بل لا بد من تنويع مصادر الدخل عبر الاستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة، وهي مجالات تمتلك البلاد فيها إمكانات طبيعية وثقافية هائلة. كما أن الانفتاح على التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي يمكن أن يكون أحد أبواب اللحاق بالعالم، ولو تدريجيًا، خصوصًا مع جيل شاب واسع الاطلاع يحتاج فقط إلى بيئة تعليمية وفرص عمل تحفّزه على الابتكار بدلاً من دفعه إلى الهجرة أو الانكفاء .

مشاركة