قصة قصيرة (2)
عودة غالي
عندما دخلنا الى المأوى خرج لنا عدة رجال يحملون السلاح وفي عيونهم علامات من التسأل متفاجئين .
قالوا : أخي ما الذي أتى به الى هنا .
ناصـر : (مشيرآ بحاجبيه) قد عاد اخوكم غالي (التفت ناصر الى غالي) انهم كانوا قلقون عليك .. اليوم سنحتفل بنجاة غالي لكنكم اعذروه لانه لا يتذكر أي شي من ماضيه (انتاب الجميع الفرح وتعال صوت الضحك) .
احتضنوني وامسك احدهم بكتفي وقال : لا تحزن نحن سنرجع ذاكرتك
وقـال اخر : وما فائدة الماضي فقد ذهب .
بعد ليلة الاحتفال بعودتي قال ناصر : هل انت مستعد
غـالي : لأي شئ مستعد ؟
ناصـر : اجبني بنعم ام لا ؟
يضن غالي انه يريد ان يذكره بالماضي , غالي : ” انا مستعد لك ! “
ناصـر : كعادتك انت دومآ على الاستعداد .
فأخذني معه ورجاله الى قرية يملأها الجمال والهدوء . عندما وقفنا في وسط القرية فبدأ ناصر بالحديث عن هذه القرية وقـال : هل تعلم ان هذه القرية ماذا فعلت بأهلك ….. قلت متفاجئى … ماذا ؟
ناصـر : لقد قتلت كل من والدتك وزوجتك وطفليك بعد ان سمعوا بالخبر انك غرقت .
دهشت لما سمعت شعرت بخيبة الامل والانكسار بعدها شعرت بغضب في داخلي للأنتقام صرخت بصوت عالي لمـــــــــاذا …؟؟؟؟!!
ناصـر : مالذي يشعرك الان بالراحـة .
غـالي : الانتقـــام
نـاصـر : اذآ نحن معك بكل ما نملك من قوه وسلاح فأنهم لا يستحقون العيش بعد ان قتلو كل من تحب فجزائهم القتل اليوم ان شئت في منتصف الليل سنأتي لقتلهم ونسترجع كل ماخذوه من منزلك هل انت موافق يــا غالـي ؟..
غـالي : (بغضـب) اليوم سأريهم من أكون .
عندما حل المساء مقبلا بهدوه وبدأ الليل يثنى على القرية ظلامه فجأة تحول كل ذلك الهدوء الى ضجيج والفرح الى عويل والأطفال بين راكضا وبين قتيل وفتية يشهد لهم ذلك التابوت النحيل يشكو من حملهم الثقيل يصرخ لا يستحقون ان يكونوا في ذلك البيت الأخير .
يظهر غالي وناصر حاملا السلاح يسرقون ويحرقون البيوت ويسبون النساء والأطفال يقتلون من يصادفهم في الطريق .
جاء الصباح حاملا معه أشعة الشمس خجولات من عيون النساء المرملات . لما جاء وكيف يبدأ اليوم بدون حياء بعد تلك الليلة . فإذا بالخبر ينتشر ان غالي قد انظم الى السفاحين .
وفي الصباح يردد غالي كلمات في نفسه : لما فعلت ما فعلت ! هل انا كنت منهم كيف لي ان اسلب روحا كم انا غبي ؟ لماذا اجعل غضبي يسيطر علي ؟
حتى دخل ناصر فوجد غالي يبكي ….
غــالي : لما فعلنا هذا بدون ان نفكر
نـاصـر : ولما نفكر انهم كانوا يستحقون الموت , وانت كنت تكرههم , وكانوا يكنون لك العداء .
غالي : نحن لا نقرر من يستحق العيش او الموت (بغضب) ولما هذا كله ..؟
ناصر :(بخبث) لا اعرف فأنت لم تكن تخبرني بأسرارك .
ضرب غالي على رأسـه وصرخ بصوت حزين : لماذا فقدت ذاكرتي .. ؟
قام ناصر وحضنه : لا تحزن فأنا هنا انا معك لن اتركك ابدآ هيا بنا يجب ان نذهب .
غـالي : الى اين … ؟؟
ناصـر : الـى مكان ستشعر بالراحـة والامان فيه .
عندما وصلا إلى المكان , غـالي : ماهذا البيت انه جنة الله على الارض
ناصـر : هذا بيتك يا غالي الم اقل لك انك ستشعر بالراحة
غالـي : هل هذا هو بيتي ؟
ناصـر : نعم
غالـي : هل لي بطلب يا ناصر ؟
ناصر : أمرني يا سيدي
غالي : (متفاجئ بالكلمة) اريد ان تحدثني عن نفسي ومن انا ؟
ناصـر : نعم يا سيدي انا سأحدثك عن من تكون ان تلك القرية اهلها فاسقون لا يستحقون العيش عليها وانت من يهابونه وكنت سيدآ عليهم وعلينا
غالـي : وما السبب الذي جعلني ابحر في السفينة .
ناصـر : سأخبرك ما هو الجواب , كنت في رحلة عمل وكنا قد احتجنا الى بعض من السلاح وانت كنت تامنه لنا . غالـي : نعم (مندهشآ) هل انا مجرم ؟
ناصـر : (منفعلآ) كلا كيف تكون مجرم وانت قائدنا انت تحل العدالة وترسي الاحترام بين الناس ولا تفرق بين احدآ.
غالـي : لكن الناس كانوا لطفأ معي عندما وصلت
ناصـر : هذا ما كان يجب ان يكون عليه استمر ناصر بالحديث المزيف والقصص الكاذبة عن الماضي حتى تمكن من اقناع غالي بأنه واحد من هؤلاء المجرمين وبعد الحديث الطويل , اخذه الى غرفة معزولة في البيت يقف عليه حارس فأعطاه مفتاح .
ناصـر : هذه هي الامانة التي كانت تثقلني و الان قد وصلت اليك .
غالـي : ما بها ؟
ناصـر : لا أعلم فأنت اعطيتني اياه وأبحرت .
فتحت الباب فوجدت فيها الجواهر والذهب والمال .
غـالي : ما كل هذا ؟ هل هو لي ؟!
ناصـر : ولما لا انك كنت بطلنا وزعيمنا.
خرج ناصر تاركآ غالي يلملم بأفكاره التي تبعثرت في تلك الغرفة , ما الذي سيحدث لغالي وما الذي يخبئه ناصر . ولما التقى ناصر بشركائه سأله احدهم : ماذا تفعل يا ناصر أ تريد عدونا ان يكون زعيمآ علينا ؟
ناصـر : ومن قال هذا ؟ انه عدونا وسيبقى دومآ كذالك سترى ماذا سأفعل به سأجعلة يقتل كل من يحب بيديه ويعذبهم ومن ثم اخبره بالحقيقة واقتله انتقامآ لما كان يفعل بنا .
ضحك الجميع فرحآ بالانتصار على عدوهم . سرعان ما انتشر الخبر في أرجاء المدينة بأن غالي أصبح زعيمآ لناصر وشركائه استغرب الجميع لما سمعوا . مرت الايام وغالي يقوم بما يأمره ناصر حتى جاء اليوم الذي طلب به أن يقتل صديقه عامر . ذهب غالي إلى منزل عامر منفذآ لكلام ناصر وفي طريقة تراءت له الحورية وهي تمنعه . استقبله عامر مرحب به رغم الحديث الذي قيل عنه في المدينة .
غالـي : ألا تخف مني كما يفعل الجميع ؟
عامـر : كلا لأني اعرف من تكون جيدآ
غالـي : ومن أنا ؟
عامر : أنت صديقي الوحيد وأخي العزيز ولا اصدق ما قيل ابدآ
غالـي : هل تعرف من أكون , هل تعلم من الذي قتل أخوتي وأمي وزوجتي وأطفالي ولماذا ؟
عامر : (متعجـــب) من الذي قتلهم ومن هي زوجتك ومن هم اخوتك الذين قتلوا ومتى أصبح لك أخوه وزوجة , وانت صدقت بكلامهم , أنا تركتك تذهب مع مخلص حتى تعرف من تكون وتسترجع ذاكرتك .
غالـي : (مستقطعآ لكلام عامر) ومن يكون مخلص …………..؟؟
عامر : الذي يدعي انه ناصر , اني ارتكبت غلطة بهذا عملي جعلتك تذهب معه انت لست متزوج وليس لديك اخوة سوى أخت واحده وهي زوجتي التي استقبلتك بالدموع . وأنا منعتها ان تتحدث اليك لأنني كنت متأكد لو نسيت كل البشر فأنك لن تنسى عامر .. كيف لك ان تنساني وانأ صديقك وأخيك ..؟؟ غالـي : ماذا … أنت تكذب .. انت تكذب
عامـر : ولما قد اكذب لدي الدليل على كلامي اسأل أي شخص في المدينة سيخبرك من تكون . أن مخلص الذي سمي اسمه ناصر وشركائه هم من ألد أعدائك , وهو من قتل والدتك وسرق منزلك وكل المدينة تعرف بهذا الشئ وأنت الوحيد الذي كان مخلص يخاف منه .
تفاجأه غالي وبدأ بالبكاء : أنا جئت لكي اقتلك كما أمرني ناصر .
بعد ان انكشفت الحقيقة وتأكد غالي من الكلام عاش ايامآ صعبة مع تأنيب الضمير وعاش بعزلة عن الناس لا يخاطب احدآ . كان عامر غير راضي عن حالته فتحدث اليه قائلآ : لماذا تفعل بنفسك هكذا انت غالي الذي كنت دومآ اراه اقوى الرجال واشجعهم واكثرهم تحملآ للشدة والمصائب ما الذي دهاك انت لست كذالك يا صديقي . غالـي : (بحزن شديد وكلمات تخنقها العبرات) لقد تغيرت لا يوجد في قلبي مكانآ للطيب فقد قتلت وسرقت وتلطخت يداي بدم الاطفال والابرياء كيف لي ان اخرج وارى تلك الوجوه .
عامـر : يجب ان تخرج وتبرأ نفسك فأنك كنت مخدوع والجميع يعرف بذلك فلا اعتقد سيبقى احدآ لا يسامحك فأنك لست مجرم .
غالـي : ياليتني غرقت .
عامـر : ان الله جاعل لك فيها حكمة ياغالي فستفد منها .
انصرف عامر غير مدرك مايخبئ له القدر , اقبل المساء واشعة الشمس مولية أدبارها فأذا بصرخة خرج غالي مسرعآ فأذا عامر ينازع بين غفوات الموت .
عامر : (ممسكآ بيد غالي) لقد قتلني ناصر انتقم لنفسك يا غالي ولا تترك حنين .. فلم يستطيع اكمال حديثه وفارقته روحه الى مكانها بين رفاقها الشهداء.
غالـي : (صرخ بصوت قد هز المكان) لما تركتني وحيدآ يا اخي .
احتضن عامر باكيآ , تجمع الناس من حوله وايادآ تمسك به وعيون تملئها الرحمة واللسن تقول يا غالـي : “أنت لست وحيدآ نحن كلنا معك “.
زهراء ناجي العارضي – بغداد