
عودة المالكي خيار أمني وسياسي – انتظار العظيمي
تعيش الساحة السياسية العراقية حالة من الجدل المستمر حول احتمالية عودة نوري المالكي إلى رئاسة الوزراء، وهي عودة يراها كثيرون خيارًا واقعيًا تفرضه ظروف المرحلة، رغم ما يرافقها من آراء متباينة. ففي بلد يواجه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية معقدة، تبرز الحاجة إلى قيادة تمتلك الخبرة والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظات الحرجة.
يستند الداعمون لعودة المالكي إلى تجربته السابقة في إدارة الدولة، مؤكدين أنه قاد العراق في واحدة من أصعب المراحل التي أعقبت سنوات الفوضى والاقتتال. ورغم ما وُصف آنذاك بحدة الخطاب السياسي والطائفي، إلا أن حكومته استطاعت فرض الأمن نسبيًا، ومواجهة الجماعات المسلحة، وبسط سلطة الدولة في عدد من المحافظات، وهو ما أعاد قدرًا من الاستقرار وهيبة المؤسسات الأمنية.
ويرى هذا الفريق أن المالكي يمتلك فهمًا عميقًا لطبيعة الدولة العراقية وتركيبتها المعقدة، إضافة إلى خبرته في إدارة التوازنات الداخلية والعلاقات الإقليمية. وفي ظل التحديات الراهنة، فإن العراق بحاجة إلى شخصية قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة بعيدًا عن التردد، وقادرة على منع الانزلاق نحو الفوضى أو الفراغ السياسي.
كما يؤكد المؤيدون أن المرحلة الحالية لا تحتمل التجريب أو المجازفة بقيادات تفتقر إلى الخبرة التنفيذية، خاصة في ظل التهديدات الأمنية الكامنة، والأوضاع الإقليمية المتقلبة. ومن هذا المنطلق، تُطرح عودة المالكي بوصفها خيارًا عمليًا يهدف إلى تثبيت الاستقرار، لا إلى إعادة إنتاج الأزمات.
ولا ينفي أنصار المالكي وجود أخطاء أو تحديات رافقت تجربته السابقة، إلا أنهم يرون أن تلك الأخطاء كانت نتاج ظروف استثنائية مرّ بها العراق، وأن التجربة بحد ذاتها تمثل رصيدًا يمكن البناء عليه وتطويره، لا سببًا للإقصاء. بل إن العودة المحتملة قد تكون مصحوبة برؤية أكثر نضجًا، تستفيد من دروس الماضي وتستجيب لمطالب الإصلاح.
في النهاية، فإن دعم عودة المالكي لا ينطلق من التمسك بالأشخاص، بل من البحث عن مصلحة العراق العليا في مرحلة تتطلب قيادة قوية، مجرّبة، وقادرة على فرض الأمن وتعزيز وحدة الدولة. ويبقى الرهان الحقيقي على أن تكون أية عودة سياسية منطلقة من مشروع وطني واضح يضع استقرار العراق وأمنه في مقدمة الأولويات


















