مكاتيب عراقية
علي السوداني
1
وهذه كمشة لطيفة من مصطلحات وجمل وأغنيات وطقطوقات ، ذوات معاني وإيحاءات جنسية سكسية بائنة منبطحة على بينونة ، تستعملها حكومة بغداد العباسية العليلة منها ، الشفافية . الإنفتاح على الشقّ الآخر . معجون المحبة . التلاحم . التكاتف . رصّ الأجساد . أربعون يمصّون زبيبة قبّدارية . أنا ظهرك . مَطّ لاستيكة الود . نحن مؤخرتان بلباس واحد . شِدّ حزامك يا حلو . جيران نزلوا بالطرف يا يمّه احبهم . بوسة من وجْنِتَكْ إنتَ ومْروّتَكْ .
2
بعد أن فقدتُ عملي بالتلفزيون ، تلقيتُ جبلاً ضخماً من مكاتيبَ عزاءٍ حلوةٍ ، طيّرها صحبٌ ألكترونيون وآخرون ألله يعلم عديدهم وعدّتَهم . ثمة وعود كثيرة ولذيذة أيضاً ، أشهرها عهدٌ عنوانه « علّوكي يمعوّد لتدير بال ولا تحزن ، تره ربّك مَيخلّي حمل مطروح .
يا إلهي العظيم ، ما أسعدني ما أبهجني ما أحلاني ما أخبلني ، وأنا أعجنُ وأخبزُ الحروف
الرائعات النائحات الغرِدات ، وأعلّقهنَّ فوق طينِ تنّورٍ ما به حطبٌ .
3
يعيش الأديب مزروعاً على رصيف الوحشة ، ويكاد الحنين وشحّة اليد تبطش به ، فلا أحد من الصحب بملتفتٍ إليه ، سوى ببضعة سطور ألكترونيات يابسات ، ينزلْنَ كسولاتٍ من مائدة أخير السهرة ووشل كأسها . وحيث ساعة موتٍ مباغتٍ تصطفيه ، سيهجُّ الصحب والصويحبات إلى دفتر المراثي ، فيدوّنون ويرنّمون له ، أجمل الحروف وأعذب الكلام . أشتهي الآن ، أنْ تصنعوا لي مرثيات طيّباتٍ رائعات ، كي تُبهجني قبل الإغماضة الأبدية وهذا أضعف الإيمان .
4
مَنْ قالَ لكَ متْ ؟
أنتَ متَّ ونفقتَ ،
فلماذا تطلب منّي دمعاً ؟
مَن اشتهاكَ جائعاً ؟
أنتَ جِعتَ وصاحتْ بطنُك ،
فلماذا تطلب منّي خبزاً ؟
أنا لم أُكلّفْكَ إلّا بعضَ وِسعِكْ ،
فلماذا تكلّفني كُلَّ وِسعي ؟
أنتَ الذي أردتَها ، ساعةَ رجعتَ صوبَ داركَ ، ووجدتَ عيالَكَ تثغبُ من فرطِ جوعٍ وعريٍ ، فلمْ تهجّ إلى الشارع ، متأبّطاً غضبةَ حليمٍ ، وشائلاً سيفَ حقٍّ عظيم .