عشق – هدى جاسم

عشق – هدى جاسم

لم يكن اللقاء الذي جمع ذلك الشاب العشريني بفتاة احلامه مجرد صدفة .. جمعهما طريق محفوف بالمخاطر واصوات لاتشي بان هناك فرح او حفل زفاف يملئ الارجاء رقصا اومعزوفة عشق لا تنتهي .. كلاهمها كان يوثق الوجع بكامرة اعتادت ان تجول بين ركام الابنية المهدمة وصراخ الاطفال الجوعى واكف رجل كهل قال كلمته وهو يودع الحياة ببطن خاوية وعيون تنزف وجعا ، لم يلتقيا في ناد ترفيهي او شارع ملئ بمحلات بيع الملابس الزاهية ، التقيا بعيون دامعة وحسرة على وطن انتهكته ايد الاحتلال وبدأت تتقاسم اوصاله وكانه قطعة قماش معروضة للبيع لهم ،التقيا وسنوات عمرهما لم تتعد العشرين سوى بسنوات قليلة ، لكنهما اصرا على مواصلة الطريق ووضع بذور جديدة في وطن اريد له ان يكون مسلوبا . حفل زفافهما كان في الصباح لان لهما واجبا اخر في مساء ذلك اليوم سيذهبان معا الى عائلة في اخر الشارع الذي لم تعد ملامحه واضحة من شدة القصف ، عندما وصلا الى ذلك المنزل كان كل شئ قد انتهى البيت والعائلة ولم يتبق منه سوى طفل صغير قررا ان يكون اول خطوة في عائلتهما ، لم يتركا هذا الطفل ، مرت سنوات على تلك الحادثة وانجبا طفل وطفلة وهما يؤكدان ان لهما ثلاثة ابناء كبيرهم طفل الحطام الذي تركاه ابواه يتيما بلا بيت او شارع او مدينة . ذات يوم قرر الشاب ان يترك حبيبته واطفاله ويخرج مسرعا لواجب عليه ان يقوم به مع كامرته ، لكن الكامرا دخلت في صدره مع صور التقطها لاخر حجر في بيت قديم ، سقط الحبيب وتمزق جسده تاركا وجعا بلا حدود لتلك المرأة التي عاهدته بان تكون معه لاخر العمر ،اختلطت الاصوات وكان صوت الحرب هو الاعلى حتى على صوت اطفالها الذين تجمعوا في حجرها خوفا من ان تطالهم شظية صاروخ اهوج ، كانت نبضات قلبها اقرب الى اصابع اطفالها وهي تلفهم بكل خوف مختلط بامنيات بان تترك الصواريخ اطفالها الثلاثة  وان يهجر الموت اجسادهم  ولا يلحقوا باباهم الذي اختلطت كامرته مع جسده وهو يوثق لحظة سقوط الصاروخ على احياء لايقطنها محاربون ابدا .

فجاة عم الصمت في الارجاء ولم يكن هناك سوى دخان واتربة وبعض الحجر المتناثر هنا وهناك ، صرخ احد الاطفال بانهم نجوا من هذا الصاروخ رغم ان بيتهم تهدم بالكامل ، وصرخت طفلة اخرى ممن احتمت بحضن والدتها وكانت تحمل شقيقها الصغير في حجرها الاصغر ، جميعهم نجوا من الموت الا حضن الام فقد تناثر حولهم اشلاء بلا عنوان او نبض او خوف .. التحقت بحبيبها الذي فارقته وتركت ذاكرة ثلاثة اطفال بلا بيت او قلب او حجر يحميهم من صاروخ جديد يحمل الموت في كل لحظة .

مشاركة