عراقي بس بالاسم .. قانون .. ليس للتصويت عليه – حسين الذكر
زرت احدى المحافظات ، وقد مشت بنا السيارة ما يقارب ساعتين برقعة جغرافية واسعة جدا تكاد تعادل مساحة دولة ، علما ان السكان لم يتجاوز عددهم المليون ، وقد شاهدت شوارع وبنى وبيوت وساحات وخدمات المدينة كانها من قرون ما قبل الحضارة ، برغم كون هذه المدينة يستخرج منها النفط بملايين البراميل سنويا يغذي شريان العالم المتقدم صناعيا ، لكن عائدات النفط منذ مائة عام تقريبا لا يعلم السكان اين تذهب ولم تنعكس مظاهر الترف الا على عدد محدود جدا من الاسر والأشخاص المعروفين حسب كل ظرف وحالة سياسية معينة ..
ليس هنا مربط الفرس ، اذ ان الشعب المعني ليس له حضور حضاري برغم تحمله كل مآسي الحروب والحصار والتصدي والتضحية والفداء .. وهو بكل صراحة يمثل صورة مصغرة للعراق لجميع محافظاته التي تعيش ذات الوضع مع تبدلات صغيرة طفيفة شحيحة مؤقتة هنا وهناك ، يحمد الشعب الله عليها الف مرة يوميا بصلاته ودعائه من اجل ان تبقى هذه الحالة التي يسيمها – نعمة من الله – لتواضع الناس وطيبتهم وحجم الاستغلال الذي يعيشوه .. لذا نراهم يشكرون الحكام على مكرمة دجاجة في رمضان او تقاعد بسيط لواحد من الاسرة يسد رمقهم ..لكنهم لا يتظاهرون على سرقة ثرواتهم وحضارتهم ومستقبلهم واجيالهم .
كلما تمشيت بالسوق لاي مدينة عراقية سنجد عدداً من العجزة وكبار السن يصارعون الحياة بلا مأوى بلا امل يستجدون لقمة العيش التي لم يحصلوا عليها .. مع حملهم للجنسية العراقية التي يحسدنا عليها اخرون .. وقد شاهدت قبل أيام عجوزاً تدور بالأسواق بلا قدرة شرائية لطبقة بيض بسعر دولارين او ربع لحم بدولارين برغم كل ما قدمته للعراق من قائمة تضحيات وعطاء لا حدود لها.. وقد تبين انها مستاجرة غرفة تعيش مع ابنها المريض وعياله الصغار مع كل تاريخهم لا يملكون خمسين مترا على ارض عراقهم الذي عنه يدافعون منذ الازل حتى القيامة .. وما زالوا على أهبـــة الاستعداد للتلبية والعطاء ..
احد ألاصدقاء روى لي انه غادر العراق مطلع التسعينات وحصل على إقامة ثم الجنسية في احدى الدول الخليجية .. (الجنسية هنا ليست وثيقة فارغة لا قيمة لها الا اثناء الحروب والنكابات والعمل الطوعي والشعبي) ، بل الجنسية هناك تعني قطعة ارض ومبلغاً مالياً يكفيه للبناء وفتح باب رزق مع سلفة كبيرة لتحسين وضعه العام تسدد بالاجل وبالمتــيسر بلا مشاكل بلا واسطات وبلا دفع …
هنا استغرب من كل الكتل العراقية والأحزاب والحكومات والبرلمانات من أصحاب الشعارات، مما سمعنها منذ اكثر من خمس عشرة سنة من قادة منتخبين ديمقراطيين ويمثلون الشعب كما يدعون ، وهم لا يفكرون الا بأنفسهم واهليهم حيث بنيت عقارات وحصلوا على سلف واستحوذوا هم واقاربهم على المناصب العليا داخل العراق وخارجه واطمانوا على مستقبلهم حتى عقود قادمة ..
السؤال هنا الم يفكر فيكم احد . باصدار قرار من البرمان يلزم أي حكومة كانت بتخصيص سكن لكل عائلة عراقية لا تملك ذلك او تسديد بدل ايجار لها حتى زوال السبب .. وان يخصص مبلغ تقاعد لكل عراقي لا يمتلك راتبا انثى ام ذكر صغيرا ام كبيرا كردياً ام عربياً سنياً ام شيعياً مسلماً او ديانة أخرى … الأهم انه يحمل جنسية بلد نفطي وخيراته تكفي وزيادة ، لو لا النهب المبرمج والمستمر ..