عبد الستار يسبر غور الجزئيات – مقالات – كمال لطيف سالم

قصص عن بجامة حمراء بدانتيلا بيضاء

عبد الستار يسبر غور الجزئيات – مقالات – كمال لطيف سالم

الكتابة صنعة ومن يجيد صنعته يبدع، انبثقت هذه العبارة في خبايا نفسي وانا اقرأ قصص مجموعة نزار عبد الستار -بجامة حمراء بدانتيلا بيضاء. ان ما يميز هذه القصص انها اهتمت بجزيئات وتفاصيل قد لا تبدو بائنة او واضحة للبعض رغم انها تصادفنا في حياتنا. فتقرأ عناوين القصص -توليب ابيض بجامة حمراء اجناس من موديلات الملابس اكسسوارات مساج اقلام حمرة هذا الحشد من التفاصيل الجزئية والثانوية يصنع منها الكاتب دلالات نفسية وحسية تتحرك باتجاه كبت وتأجيج الغرائز وهي بالتالي محركات هائلة للمخيلة التي قد تعني شيئاً مخبأ في صدورنا في طيات جيوبنا نجد هنا علبة سكائر وهناك قنينة نصف فارغة اكياس من نايلون مثقبة موجودات تتحول الى عوالم تتجول في جغرافية محددة مغلقة خالية رغم تماسها بالواقع المعاش ساحة التحرير حديقة الامة شارع السعدون احياء البتاوين تمثال السعدون المزيف؟ شقق وغرف ونزلاء قادمين من بعيد مجهول عوالم وشخصيات واحداث عاشها الكاتب مواكباً الاحتلال الامريكي للعراق.. تجسيد العوالم الجديدة التي نبعت في حياة الناس بقاء موت هجرة غربة كآبة شذوذ عوالم وشخوص غرائبية قصص تكتسب اهميتها من كونها تاخذ الموضوع من مداخل غابة في الحذق والدقة تتحرك عبر اوامر ومفردات تسيجها اللغة المتماسكة التي تحتوي دقة ومهارة الصنعة فهي تتناغم مع نفسها بتساوق مدهش فهو وان كان يعمد الى الترميز بحدود اعطاء فسحة لاكتشاف ما يذهب اليه الحدث.تتضح اشكاليات القصص وعوالمها وغوامضها كلما توغلنا في القراءة واعني القراءة المتأنية لان هناك ما يحتاجه الذهن للوقوف على ما يريد الكاتب ان يحدثه في وعي المتلقي بطريقة غير محسوبة في البدء ولكنها تاخذ مداها في سياق النص وما تشكله السطور من ارتعاشات ذهنية وصور تعبيرية – اوليب ابيض- هنا يجري البحث عن – نردين- الفتاة التي ضاعت في تيه العراق، وجاء حبيبها الدانمركي للبحث عنها حيث يخصص مبلغ الف دولار لغرض ايجادها، وتلعب ازهار التوليب، دور الرمز في اشتغال وقائع القصة، وان بدت ساكنة تتحرك ضمن زمن محدد عشرة ايام، شخوص تذهب وتعود الى شقة تطل على شارع السعدون. المكلف في البحث يجري تحرياته وهو في نفس الوقت يعطي انطباعاً رشيقاً عن شخصية الدانمركي الذي يمثل عنده روميو والعاشق المغلوب على امره عبر جلسات وجولات في شوارع ليلية خاوية لا تزحمها سوى الكلاب.. وتمضي الايام رتيبة. في اليوم الثامن وصلتني اشارة حية من لار. تفيد بوجود امرأة في الاربعين تحمل اسم الاب نفسه تذهب الاشياء عند المحب سدى الا من ازهار التوليب التي ستتفتح عندها يشعر بالحب. قصة اخرى تتحدث بسخرية جميلة عن الغيبيات والمعجزات والاساطير المتخمرة براس بعض الناس اولئك ىالذين يعيشون وهم الخرافة متمسكين بتيمات يعلقون فيها الخلاص. الخرقة الدانتيلا ووهم القرابين التي هي معجزات الخلاص حيث يجري الامر مع -اسو الأرمني- الذي ينجو سبع مرات من موت مؤكد -تنفجر السيارات المفخخة بالقرب منه ويستشنى وحده من الهلاك صدق به القس زكو -احمد بالالم فالعالم بحاجة الى معجزة قلبك.ان بجامة ليلى تصنع المعجزات وهي اعظم من ثوب القس الكبير فاذا كانت بجامتها تفعل كل هذا وتنقذنا من الموت فماذا يمكن ان تفعله بلوزتها او اقلام كحلها وحمرة شفاهها واي معجزات كونية يمكن ان تقوم به بخة واحدة من عطرها.

وهكذا اصبح اسوزبنوني- شخصية مهمة فان معجزته تخلص من الموت وتشفي الامراض- لا تقل لي ان بجامة ليلى تفيد في علاج الآم المعدة.عالم البتاوين بشققه وغرفه وعاهراته وسكانه الاصليين من الارمن الذين مات وهاجر اكثرهم في اصفاع مختلفة من الارض بعضهم اشتهر وصار لهم نصيب من اهتمام العالم خاصة الراقصة التي غادرت الموصل لتصبح فنانة كبيرة يحسب لها من اعادة جثمانها الى مسقط راسها. عوالم متبقية وادوار ثانوية في فنادق وغرف ومطابخ وغريزة وشهوة تقود الى اشباع وبطرق مخادعة.

سانام ساعة يابياتريس

لا تحدثي اية ضجة لكي يستطيع بابا ان ينام

ثم لحقت به الى غرفة النوم.الكاتب في اكثر قصصه يبحث عن ثنائية المفارقة احداث عرضية تصغر وتكبر تارة تطرح بشكل عقلاني ثم ماتني ان تتحول الى فعل عبتي يقترب من كوميديا باكية شديدة القتامة.

اقول ان الكاتب حرك فينا شيئاً وبعثر اشياء هنا وهناك مثلما فعل باكسسواراته.