صرخات تخاطب الله

صرخات تخاطب الله

 مكالمة عابرة جمعتني بإحدى صديقاتي كان الملل فيها سيد الموقف وجل احاديثنا تتمحور حول (شكو ماكو)

مع ضيف ثقيل يدعى تثاؤب يزورنا بين الفينة والأخرى,,,

عيارات نارية مزقت رداء الملل واعارتنا خمار الرهبة في لحظة موت!

صرخات متقطعة تصاعدت من الطابق السفلي مزقت عزلة قاطنوا العلية,واصوات مريعة من الخارج غذت وقود الفزع داخل منزلي, هرعت الى النافذة هذا كل ما أعانتني عليه قدمايّ المرتجفتان خوفاً على القيام به…

امرأتان إحداهما تركض يميناً وشمالاً مامن شيء يلاحقها سوى صرخاتها الفزعة ونحيبها الموجع,والأخرى تمسح سيل دماء عن وجه جثة ممدة على رصيف الشارع,,,حاولت التركيز في الوجه الملطخ بالدم رغم حالة الرعب التي كست كل جوارحي ,مخ مبعثر وعينان شاخصتان الى اللاشيء…

صرخت من نافذتي دون شعور هو جارنا (ابو محمد) ذلك الكهل الطيب,كان قد رآني صبيحة هذا اليوم وكما يفعل دائماً,ارسل كفيه الى السماء داعياً لي(يحفظج الله بنيتي لشبابج ويستر عليكم من مصايب الدنيا).شكرته بأمتنان واضح دون ان ابادله الدعاء,الهي لكم تغتالني الحسرة لماذا لم ادع له؟!

قد يدفع دعائي ذلك المكروه الذي حل به اليوم فأنا على يقين بأن الله يحبني,يحبني كثيرا ولو طلبت منه السلامة لجارنا ابو محمد لما بخل علي بذلك…

عزائي بأنني حينها كنت منشغلة بالدعاء الى اخي الذي ذهب ليشتري الخبز من الفرن في الشارع المقابل وسط دعوات الأهل بأن يعود سالماً غانما!.

كانت تلك الصباحات التي كان جارنا (ابو محمد) جزءاً منها تتسابق نحو ذاكرتي وسط سيل من الدمع الحارق,ذاكرة انفجرت بكل المواقف الطيبة لذلك الشيخ الحكيم الذي اختلفنا معه دوماُ في انتمائنا الطائفي,وتوافقنا معه في انتمائنا الإنساني,هاجمتني بسنوات موت مريعة يبدو بأنها تكررت,ذاكرة لم يرحمني ولم يحرمني من رحمتها على حد سواء سوى صرخات (ام محمد) التي تعالت بشكل مفزع وكأنها تروم في ذلك ايصالها الى الله!

(ماتت الغيرة ياناس وين اهل الغيرة وين اهل الحمية) ومامن احد يقترب خوفاً من عودة القتلة وخوفاً اكبر من تعري وجوههم امام الموت الذي حل بسطوته ضيفاً دائماً على الحياة ضيفاً حمل حقيقة واحدة لا يمكن تزييفها البته,حقيقة تقول(في مدينة الموت هذه جميعنا قاتل وجميعنا ضحية!)

شادان الأزبكي –  كركوك

مشاركة