
سوريا تتقدم وقطر تتجه اليها – جاسم مراد
كان هدف العدوان الكوني ضد سوريا ، هو اسقاط الدولة ، وتفكيك الجيش وانهيارة ، وتوزيع جغرافية البلاد بين الطوائف والاعراق ، وانهاء حالة المقاومة ضد اسرائيل ، والاجهاز على حزب الله في لبنان ، ومن ثم التوجه إلى فلسطين والاردن لإرغامهما بقبول الدولة البديلة للفلسطينيين والشراكة معها فيما يخص الاردنيين مع اعطائهما مناطق في الضفة الغربية المحددة في الخارطة الاسرائيلية مع بعض المساحات في غور الاردن ، إنها بحق خارطة مابعد سوريا المنهكة المقسمة التي رسمها كيري وبعض الدول الاوروبية وايدته ودعمته بعض الاطراف العربية .
ولكن يبقى السؤال المهم ، ماذا جرى بعد ذلك ، من هو الذي تجاوز الازمة ، وانتقل من الدفاع إلى الهجوم ، ومن هو الذي فشل ويبحث عن البدائل . في واقع الحال ، فان مجمل المؤشرات السياسية والوقائع على الارض ، تؤكد بان تغير المزاج الشعبي السوري ، وتبلور القناعات بضرورة المشاركة في التصدي للمؤامرة وافشالها نقل المعركة من الدفاع إلى الهجوم .
وبعد ثلاثة اعوام من الهجوم المنظم الذي شارك فيه الالاف من افراد المنظمات المسلحة وعدد كبير من الدول الاجنبية والعربية الممولة والداعمة والمساعدة ، واسهمت في تهيئة الاجواء له منظمات دولية وعربية ، وكان بينها جامعة الدول العربية ، نقول بعد هذه السنوات وماحملته من تدمير كلي وجزئي للمدن وتشريد الحياة الانسانية السورية ، بدأت القوات العربية السورية بالهجوم وتحرير الارض ، وهي الآن تواصل معاركها في يبرود وغيرها من المدن السورية المهمة ، وستنتقل إلى حلب وكل المناطق الاخرى ، هجمات بمشاركة الشعب غيرت الكثير من المعادلات وقلبت الكثير من أمزجة الدول واحرجت بعضها ، ووضعت الكثير من المراهنين على اسقاط النظام السوري وتفكيك البلاد وتوزيعها على الجماعات الارهابية والمافيات السياسية في وضع محرج بحيث فقدت توازنها وهيبتها ووضعت حقدها وكراهيتها في مقدمة سياساتها في مواجهة سوريا .
سوريا الان تتقدم ولاخوف عليها ، هذا مايقوله الرئيس بشار حافظ الاسد للوفد الشعبي والثقافي الاردني ، وهناك بعض دول الخليج العربي تفكر في إعادة التوازن للعلاقات السورية الخليجية ، فيما تشير التقارير بأن قطر قطعت شوطاً في اختراق العلاقات بين دمشق والدوحة ، وان الخلاف الذي هز العلاقات السعودية القطرية هو بسبب سياسة قطر الجديدة نحو سوريا .
قطر تحسست مايجري في سوريا ، وادركت بان موازين القوى تميل لصالح النظام على المستوى العسكري، وان معظم الشعب السوري إن لم تكن غالبيته العظمى مع الحسم النهائي ، وان بؤر المجموعات المسلحة لايمكنها أن تغير من الاحداث الجارية لصالحها وهي في حالة تراجع رغم الدعم المالي والعسكري الخليجي الدولي لها ، لذا فقطر ادركت ذلك وستسبق غيرها في تجسير العلاقة مع سوريا العربية .
يؤكد ناهض حتر رئيس المجلس الاردني للسياسات الخارجية بعد لقاءه والوفد الشعبي الاردني الرئيس السوري ، بان سوريا حسمت الكثير من القضايا وهي الان في تقدم مستمر عسكريا ، وليس مهماً لديها مؤتمر جنيف (2) خاصة وان الطرف االمحاور الذي يمثل الآئتلاف المعارض ينطق بلسان غيره ولا يستطيع التحرك دون اخذ الرخصة من الامريكان وبعض دول الخليج الممولة له ، هذا الوضع قد تم تشخيصه من الداخل الشعبي السوري . ويضيف حتر عبر استنتاجاته لرؤية الرئيس الاسد لمايجري بان كرة الهجوم على سوريا باتت تدحرج وان الدولة السورية الموحدة هي الفئزة .
ولعل المصالحات الشعبية في العديد من المناطق بين المسلحين وابناء المناطق والاحياء باشراف شخصيات اجتماعية وثقافية وعشائرية جعل فرص الارهاب للابقاء في السيطرة على مناطق سورية محدودة بل معدومة . لذا بات الشعور الشعبي السوري العام وكذلك المتابعين يشير إلى زيادة حجم التدخل الاسرائيلي في سوريا سيما بعد تراجع مجموعات المسلحين ، وان هذا التدخل سيكون على شاكلة ماجرى في جنوب لبنان بعد عام الغزو الاسرائيلي للبنان 1982 من القرن الماضي حينما تم تاسيس جيش لحد على الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين ، وتسعى اسرائيل إلى اقامة شريط حدودي في الجولان يديره المسلحون من التنظيمات التي تقاتل في سوريا الان ولها خطوط تعاون وتشاور وتخطيط مع اسرائيل .
ورغم كل مايثار من مخططات ضد سوريا ، إلا إن سوريا تمشي بصلابة وقوة نحو حسم الموقف وتجاوز الازمة . ومن هنا لم يستطع المخططون أن يضعفوا حزب الله ولا التقليل من دوره السياسي في الساحة اللبانية ، ولا تهشمت سوريا ، بل ستخرج برؤية سياسية جديدة اقوى مما كانت ، وقد يكون الرئيس بشار حافظ الاسد أحد المواطنين المرشحين للانتخابات ببرنامج سياسي وقيادة جديدة مثله مثل أي مواطن يريد المشاركة بالانتخابات القادمة ، فهل يستطيع أحد منعه ، بالطبع لا .
إذن ماذا حصد المتدخلون العرب غير الخيبة وماذا استفادت أمريكا وحلفاءها غير زيادة الكره في اوساط الشعوب العربية والاسيوية والافريقية ، سوريا هي الباقية بشعبها وجيشها ومؤسساتها ، والراحلون عنها هم اكلة اكباد الناس ، والمتوسلون بالعودة اليها هم اشقاؤها ممن غدروا بها .


















