سندويتش بنل – جبار جودي
اللهم إشهد أني بلغت.. مبنى المؤسسة العامة للسينما والمسرح، في الصالحية ببغداد، أُنشئ سنة 1979 وأشرف على بنائه بالكامل، وكيل وزارة الثقافة والإعلام.. حينها.. الشاعر الراحل عبد الأمير معله، وإفتتح سنة 1980.. والمبنى من أوائل العمارات التي أعتُمِدَ فيها نظام الـ(ستيل ستركشر) أي الركائز الكونكريتية والقواطع الحديدية والتقطيع الداخلي بالجبسن بورد المعالج ضد الحريق.. حتى الأرضيات مضادة للحريق، بما فيها الموكيت والسندويتش بنل الخاص بالجدران الخارجية.
بعد 2003 خرّبَ البنايةَ ضعافُ النفوسِ، وحاولنا مراراً وتكراراً إدراجها ضمن حملات الإعمار، حيث بادرتُ شخصياً.. الى تشكيل رابطة إنقاذ وإعمار مسرح الرشيد عام 2007 موصلين صوتنا الى رئيس الوزراء آنذاك السيد نوري المالكي، الذي إستجاب موجهاً بإعمارها، وأنشأت.. وقتها..وزارة الثقافة والسياحة والآثار قناة الحضارة على ممرات وورش النجارة التابعة للمسرح بـ(السندويتش بنل) وبُحَّت أصواتنا من دون جدوى، وعُمِّرت البناية بعجالة متسرعة… لا أقول هوجاء… إنما تفتقر للخبرة التأملية، من قبل الإدارة السابقة للدائرة، عفوياً على شكل فزعة من دون تخطيط بغياب الرؤى المنهجية هندسياً وصولاً الى أرقى جمال حضاري.
و… أُنجِزتْ أربعة طوابق من سبعة، بالسندويتش بنل، مخالفة لشروط السلامة والأمان؛ تحت ذريعة شحة الأموال؛ ما أدى الى كتابة تقارير من قبل الدفاع المدني، توصي بإزالة السندويتش بنل… وبعد اللتي واللتيا، وافق دولة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، على صرف خمسة مليارات دينار لإزالة السندويتش بنل.لكن… مرت سنتان، عصفت خلالهما الريحُ بـ(كتابنا وكتابكم) من دون جدوى، ولحد لحظة كتابة هذه السطور، لم تصرف المليارات الخمسة؛ ما إضطرنا.. بالإمكانات الذاتية للدائرة.. الى إعادة هيكلة الأقسام الإدارية وإعمارها، مزيلين السندويتش بنل، بما يليق بدائرة السينما والمسرح وتاريخها وعطائها ومكانة موظفيها، حيث إفتتح سيادة الوزير، القسم الأول من مراحل إعادة الإعمار، وأبدى الجميع إعجاباً يفوق الوصف، بما شاهد من حسن تخطيط وتصميم وتنفيذ لهذه الأقسام..
والآن.. مع تصاعد الحوادث والحرائق والإنهيارات، من يتحمل حوبة ثلاثمائة إنسان .. بين إداري وفنان وفني.. يعملون في الدائرة يومياً واصلين الصباح بالصباح.. وجبات متلاحقة والبعض يداوم حتى في العطل والأعياد، من يتحمل مسؤولية سقف ينهار فوق رؤوسهم أو أرضية تخسف تحت أقدامهم أو حريق يغلِّق الأبواب ناشباً ألسنة اللهب في النوافذ.. تصطك ويموتون؛ فتزهق أرواح شباب طموح بعمر الورد، وتتيتم عوائل؛ لأن وزارة المالية ترفض صرف منحة رئيس مجلس الوزراء التي نريد بها توفير وسائل السلامة ومستلزمات الأمان…
اللهم إني بلغت.. اللهم فإشهد.