زهرة القبر

عبد الرزاق صالح

البصرة

إنَّهُ يرى ما يرى

مقبرة!

أو ربما رأى قُبَّرة!

هل أنَّهُ رأى الذي لا يُرى؟

هل أنَّهُ رأى قبرَها؟

ربما رأى قبرَه أيضاً!

هل حدثني ظني عن ظني؟

وأنا أرى طفلةً في( القِماط)

تحملها أمي إلى المقبرة

هل رأى نعشاً صغيراً؟

هل رأى المقبرة؟

كانت في طرفِ مدينتنا!

هل رأى عينينِ غافيتينِ حين أهالوا التراب؟

أنا الطفل الذي رأى زهرةَ القبر!

أسمعُ صدى نواحِ القُبَّراتِ

أسمعُ نحيبَ الباكياتِ

أرى صدأَ السنينِ

أرى الحزن في عينيِّ أمي

أواه … يا أمي

ما أثقل حزن السنوات

كيف كان وجعكِ وأنتِ ترينَ المهد فارغاً؟

كيف تسابقت الدموع على وجنتيكِ؟

كُنْتِ نحيلة كالنحيب!

كُنْتِ كنخلةِ الغروب؛ شاحبة

كُنْتِ كالظِّلِ؛ صامتة

كُنْتِ تنظرينَ بعينيّ

علَّكِ ترينَ الفقيدة!

كُنْتِ ترينَ خارطة الأسى

كان حزنُكِ جبلاً يا أمي

لكنَّ صبرَكِ كان جميلاً

وأنتِ ترينَ وحيدتكِ تُوارى الثَّرى

في حفرةٍ موحشة

تكسرتِ العبرات في صدركِ

حين رحلتْ طيرة السَّعد

في الوحشةِ ترقدُ

حيث الظلام والسكون

هناكَ قبر موحش

هناكَ في الصَّمت الصَّموت

هنالكَ….

الفراشات ترقص مع طيور الجنة