زمان جديد ـ الإقصاء.. ظاهرة سلوكية ـ عدنان الدوسري
الفرد في المجتمعات المتحضرة يمتاز بقدرته على تفعيل نمطية التعامل مع الآخرين من منهجية مكتسبة عن قناعة فكرية وثقافية تتبلور دائما في ثبات ذلك الموقف مهما تعددت الأدوار للشخص في اليوم الواحد. ولعلنا دون مواربة شعب متحضر يعي قيمة كبح السلوك الشائن في كثير من مواقفنا الحياتية ولكن القلة هم الذين دوما يشذون عن القاعدة، ويحملون الآخرين وزر أخطائهم ووزر تصرفاتهم عندما يسمحون لأنفسهم بأن يتحرروا من تلك القاعدة السلوكية كلما فقدوا الرقيب وكلما أمنوا العقوبة وفي ذلك خلل يجب أن يدرس من قبل الأخصائيين النفسيين من اجل انتشال تلك الفئة القليلة من الازدواجية في السلوك. فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد البعض عندما تمنح لهم خاصية معينة تسمح لهم بخصائص قد يكونون قادرين على اقصاء الآخرين والغاء أرائهم وفق معايير تراكمات خلفها الزمن بعقلهم الباطن وتنعكس سلبا على سلوكهم وبهذا التصرف يعتبر وكأنه يتحرر من القيود التي ألزمها نفسه في جانب من جوانب حياته وخرقها في الجانب الآخر. ولنقس على ذلك المقياس كثيرا من التصرفات التي نجدها في أولئك المتذبذبين سلوكيا، ولعله من المرجو دراسة تلك الظاهرة دراسة متعمقة ووضع الحلول لها في عالمنا واخص به الافتراضي الذي أصبح جزءاً من حياتنا اليومية.. ومع الأسف تفاقمت تلك الحالات لوجود مساحات شاسعة لها للتعبير عن وجود ذاتي والتي تعتبره حرية عن الذات والتي تتلون حسب المزاج والوقت والظرف. وتتحول هذه النمطية الى تغير الأقنعة فتارة مع هؤلاء وتارة مع هؤلاء حتى يرى أين تميل الكفة فيكون معهم.. ولربما نعرفهم بيننا ونسمح لهم بأداء أدوارهم وحسب أقنعتهم بكل تراجيديا وقد نتعاطف معهم ولا نعلم أن يحملون أصرا عن حالات بمجتمعنا التي أساءت الى معتقدات ومبادئ طالما كنا محافظين عليها لفترات طويلة. وبعد كل حركات التصحيح التي حدثت في الوطن العربي لابد الاهتمام بالانسان كقوة لا يستهان بها واعادة تنميته وفق برامج علمية صحيحة ولا تحمل طابعاً سياسياً أو خاضعة لحزب أو طائفة وحتى لا يخدع الناس ويقعون بين تلوين الأقنعة، فكما أن علم الادارة وضع منهجية ادارة الوقت وأصبح علما يدرس في الجامعات وهو المفهوم الذي ينص على إدارة الذات من الداخل للتخلص من المعوقات الوقتية في المفهوم الحياتي ككل.. فحري أن يكون للسلوك نفس المقياس ونفس النمط.. فهما مفهومان يمسان الشخصية من الداخل ويخلصانها من الترسبات النفسية ويمكنانها من الوصول الى سلاسة التعامل من المنظور الايجابي للحياة. ولكننا نحن بحاجة الى تثبيت تلك القواعد السلوكية منهجيا لكي تتحضر النفوس قبل أن تتحضر قوانينها الوضعية بفعل المؤثرات المعنوية والمادية وهنا تكمن المفارقة.. وقوانين تأتي برؤية تنموية جميلة ولا من يطبقها بشكل حضاري والخلل يكمن في الانسان لكونه لا يمتلك تلك الرؤية الحقيقة حتى يستوعب ذلك التطور وان أراد استيعابه فإنه يجاري الزمن دون أن يفهم شيئاً وهنا تكمن القضية . مؤلم جدا أن يكون الانسان جاهلاً ما يدور حوله من أحداث تمس مستقبله الاجتماعي، ومثله كمثل دابة الساقية تدور معصوبة العين لا تفقه شيء وكل ذلك مرفوض، فالتغير لا يمس الحكومات فحسب بل يمس الانسان بذاته وهذا مناط على الهيئات كافة المسموعة والمرئية والمقروءة والأخذ بنظر الاعتبار هذا التغير والبدء بالتوجه الى الانسان وتعديل الخطاب الموجه، وعدم التسويق ضده كمادة مستهلكة فحسب أنما هو أداة للتغير واعتبار ما يحمله من قناعات هي جوهرية لا تتغير مهما تغير الزمن.
AZP20