رغبة مجنـونة – نصوص – عادل المعموري

قصة قصيرة

رغبة مجنـونة – نصوص – عادل المعموري

شاهدهم وهم يربطونها بالحبال ،أوثقوها على كرسي خشبي ،في غرفة رطبة ،ليس فيها نافذة ،أشار لهم بالإنصراف،خرجوا وأغلقوا الباب ،

نظرإليها طويلاً،كانت عيناه تبرقان ،لاتفصحان عن شيء ،حرص على أن لا يكشف عن مشاعره وهو يلتقيها في مكان واحد ، لاثالث بينهما

أخرجَ علبة سجائره وأشعل سيجارته ،سار خطوات إلى االجانب الآخر من الغرفة الضيقة ،جلس على كرسي منتصباً أمامها تماماً

سحبَ نفساً طويلاً ومسح أنفه بإصبعيه ثم خاطبها بصوت خفيض

__كم تمنيتُ أن يكون لقائي بك في مكان أفضل من هذا ؟

__…….

__أنا مضطر لإن أفعل هذا …لقد أجبرتِني على خطفكِ بهذه الطريقة

تأملته بعينين دامعتين ..تأوهت قليلا ،ثم اجابته

__ستدفع الثمن غاليا ؟

__لمْ أقصد إهانتك ..ولكني أردتُ أن أُثبت لكِ ، مقدارحبي وهيامي بك

إبتسمت متصنعة السخرية ، وهتفت به

__طريقة سخيفة للإبتزاز ..عواقبها وخيمة عليك .

نهضَ من جلسته ،وسار إليها بخطوات بطيئة.. ثم مد كفه وأخذ يمسح بظاهر كفه وجهها ،فيما كانت تجاهد أن تهرب من أصابعه التي وطأت أعضاء وجهها

قال لها وهو يلعب بخصلات شعرها الأسود المسترسل على كتفيها .

___أردتُ أن أحطمَ غروركِ..

سحب يده من رأسها ، ودسها في جيب بنطاله ..رفعت رأسها وتمتمت

__لمْ أركَ من قبل ،ولم تثر إنتباهي ..مالذي دفعك لهذا ؟

__أيام وليال طويلة وأنا افكر فيكِ ..وأنت غير عابئة بي ..ولم تكلَّفي نفسكِ يوماً النظر إليَّ ..الهذهِ الدرجة أنا حقير بنظركِ!

__أريد ُ ماءً.. قالت ذلك، فقام مسرعاً ونادى على أحدهم ..أمسك بالكأس وقرَّبهُ من شفتيها ،هزت راسها رافضة الطريقة في اسقائها الماء ..وهمست بتعب واضح من نبرات صوتها :أرجوك حل وثاقي ..أنا أشرب الماء لوحدي

__ولماذا لا أُسقيكِ أنا …صرخ بها وقد استشاط غضباً، ثم أردف صارخا وهو يرمي بالكأس إلى الجدار ،الذي تحطم وتبعثر شظايا .أرغى وأزبد ، ثم أخذ سجارة أشعلها عن عجل، وبدا يمزق قميصها الأبيض ، حتى بان فيها صدرها النافر

تكوّرتْ على نفسها وانتحبت قائلةً

__أرجوك لاتفعل هذا ..حرام عليك .

__َصدكِ وعدم مبالاتكِ لي ..اليسَ هذا حراماً؟مالذي ينقصني حتى لا تكترثي بي ..سأكسر غرورك وصلفكِ وعن جهيتكِ الفارغة.

___فك وثاقي ياجبان ..الحب لا يأتي بالقوة ..دعني وشأني ،اطلق سراحي وسأغفر لك زلتك ..دوت صفعة مفاجـئة على خدها ..جعلت الكرسي يترنَّح بجسدها الممتليء ،فتسقط جانباً وينكشف ساقيها الأبيضين ..قرفصت قدميها وإنزوتـ ،واضعة خدها الُمحمَّر على بلاط الغرفة الرطبة، وأغمضت عينيها

إنحنى عليها ،ورفعَ الكرسي ..وقام بفكِ وثاقها..وهي تنظر إليه بدهشة

أنهى فتح الحبل.. وبركَ على ركبتيه قائلاً لها :أنا أحبكِ ،أرجوكِ إفهميني

__دعني أعودُ إلى أهلي ..وسأنسى مافعلتهُ بي ..أرجوك ؟

__ دعيني اقبَّلُ شفتيكِ اذن ؟

__وتطلق سراحي ؟

__وأطلقُ سراحكِ ..أغمضتْ عينيها.. وقرَّبت وجهها منه ، دنا منها وطبعَ على شفتيها قبلة طويلة ،شعر أنه يغيب في عالم شفيف ،عالم حالم وجميل لم يعهده من قبل..أجفله سقوط أواني الشاي على أرضية بلاط”الكافتريا” ،مما جلب إنتباه روّاد ها ، وقعتْ عيناه عليها وهي تجلس مبتسمة ،تجلس قبالته وبيدها كوب الشاي .. منهمكة في حديث مع زميلة لها ..غير عابئة به ..لم تلتفت ناحيته ..أساساً لم تكلف نفسها، بالنظر إلى الجهة التي هو فيها . مسحَ وجهه بكفيه، وتمتم وهو يطلق آهة حبيسة في صدره

__تستحقين الخطف أيتها الفاكهة الشهية.

ولكن ليس من جبان .. على شاكلتي !