اضحك للدنيا
لؤي عبد الزهرة
استيقظ أبو عباس قبل طلوع الفجر، وأغتسل وتوضأ ثم صلى صلاة الحاجة، ودعا الله بأدعية الرزق الكثيرة التي حفظها عن ظاهر الغيبن وفتح القرآن ليقرأ ما تيسر من الآي الحكيم، فتلى سورة الكهف والاسراء وختمها بالواقعة وإيلاف قريش: ايلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف ثم أذّن المؤذن لصلاة الفجر فاستقبل القبلة وراح يصلي الواجبات والنوافل ثم أعقبها بأدعية تعقيبات الصلاة ثم ذهب إلى عتبة باب بيته فكنسها ورشها بالماء، وقبل طلوع الشمس هام على وجهه لا يدري أين تأخذه قدماه، فمنذ شهرين وهو عاطل عن العمل، أنتهى به المطاف إلى مقهى سيد مجيد في المدينة القديمة وكان عامل المقهى قد بدأ يزاول عمله برش باب المقهى ليجلب الرزق وافتتح عمله ببركة الذكر الحكيم، تبرع أبو عباس بأن يعاون عامل المقهى في كنس ورش أرضية المحل فسمح له وشكر روحه الانسانية في حب الخير، وبعد أن إنتهى جلس على مصطبة الجلوس واحتسى ( استكان شاي ) وجلس بانتظار أن يأتيه الفرج أو الرزق من هنا أوهناك، حتى حان موعد صلاة الظهر والأمور لم تتغير، بل شعر بجوع مرير وتمنى لو يشفق عليه أحد المحسنين «بلفة فلافل» تخرس زقزقة عصافير بطنه» فهم بالخروج من المقهى ليلتحق بصلاة الظهر، وعندما طلب من نادل المقهى بخجل مرير أن يسجل ثمن إستكان الشاي على ذمته بفاتورة الدين، أخبره عامل المقهى أن ثمن الشاي على حسابه عرفاناً لمساعدته له في الصباح، عاد أبو عباس إلى بيته بخفي حُنين وهم يتكلم مع ربه ودمعه ينهمر على خديه : ربي رحماك بي.. أبعدَ كل هذه الأدعية والطقوس يكون رزقي منكَ عبارة عن استكان شاي فقط ؟!