رجل من الزمن المقبور

رجل من الزمن المقبور

 كان يركض خلف احلامه المحطمة لا يرى الضوء ، يبـــقى قابعا في الظلام ، يحيا على ما تبقى من نفخــــــات الأمل الــــــذي ساقه يوما ما الى الهــاوية..

الهروب من الواقع هذا ما تعود عليه ، تكسرت فيه أواصر الرحمة والانسانية بعد ما لاقاه من العذاب والألم وحتى الموت وهو على قيد الحياة ، كان يرى نفسه لا يختلف عن احدى الجدران التي كانت تكتمل بها زنزانته الموحشة والحالكة الظلام من حيث القسوة والجمود.

كان هو الأبن الاكبر للعائلة عندما اعتقلته السلطات أبان النظام البائد لحركاته الثورية  المناهضة للحكم الدكتاتوري ، في ذلك الليل البائس عندما دخلوا البيت في وقت متأخر ما يقارب الساعة الثانية ليلآ كنا نغرق في نوم عميق ، احدهم قام بتقيد يدي بقوة بسلاسل حديدية صدئة واخر قام بدهسي ولكمني عدة ضربات فقدت الوعي على اثرها وسط صراخ ونحيب الاهل الذي فاقوا على اصوات الصراخ واللعنات التي كانت تضج في ارجاء المكان ، راحت امي تركع تحت اقدامهم متوسلة ان لا ياخذوني معهم لكن دون جدوى فقد اصبحت في السجن ولاقيت أشد اهوال العذاب وتجرع مرارة الخيبة ، لا شيء سيء فعلناه سوى المطالبة بحقوقنا ، ان نعيش بكرامة ، نكشف الظلم ، كل هذه حقوق تعتبر لديهم أجراماً ، الفقر ، المرض ، هو الذي دفعنا للتمرد وثورة على الظالم ، لا اذكر كم من الليالي قضيتها وانا في زنزانتي كالكلب الجائع ، اتضور جوعآ ليس للطعام فحسب بل للأنسانية للرحمة التي فقدها هولأء المجرمون ..

أصبحت جلودنا مدبغة من كثرة الضرب والتكبيل والسلاسل التي تقيدنا ، كان جسدي لا يشعر بشيء فقد الاحساس كنت في البداية اتألم كثيرا وابكي لساعات طويلة اما بعدها فشيء بعد شيء استسلمت لمصيري المحتوم .

سرور العلي

مشاركة