خطيئة (لا) البرزانية

خطيئة (لا) البرزانية

يخطئ السياسي عندما يقول (لا) لأمريكا في حالتين :

– عندما يكون صنيعتها أو مُحَزّما بنطاقها أو تَربّى في حضنها.

– حينما يكون ضعيفًا ويتجاسر على سلطانها ويتخذها عدوا له.

أمريكا تقود العالم بمزاج مريح حتى في أعنف الأزمات التي تتهدد بؤر التوتر في بقاعٍ مختلفة، لكن ّتعاملها مع الأزمات يختلف تبعًا لمعطيات مصالحها ونوع الخصوم والأصدقاء والحلفاء وأشكال التمرد من الربائب والخصوم ،ولذلك فهي تتعامل مع كوريا الشمالية بطريقة تختلف عن تعاملها مع إيران وتنظر الى حزب الله بطريقة لا تُشبه نظرتها لداعش للحد الذي جعلت العالم يُصاب بالعشو السياسي جرّاء إسلوب إدارتها للأزمة بين مد المحاربة المُعلن وجزر الدعم المُضمر.

أحدث اللاءات التي أغضبت أمريكا صدرت من السيد مسعود البرزاني زعيم إقليم كردستان حينما أرسلت مبعوثها ليُخبره بعدم رضاها عن الإستفتاء وقدّمت عوضا عن ذلك بعض المقترحات التي تصب في خانة الرغبة الأمريكية ورؤيتها لشكل العلاقة بين المركز والإقليم مع بعض الضمانات التي تراها مناسبة للطرفين.

مسعود البرزاني كان قد أكمل استحضاراته وعَبَأ جماهيره لليوم الموعود ..لإستفتاء 25/9 فظهر أمام حشود الكرد التي شعر ومن على منصة الخطابة بزهوٍ كبير حلّق به عاليا فوق الجموع الطامحة بالحلم الكردي الذي بقي مُحتجبًا في كهوف جبال كردستان لزمن طويل ،ليعلن أمامهم أنّ موضوع إجراء الاستفتاء خرج من يده وأصبح بيد الشعب الكردي في إشارة صريحة لرفض الطلب الأمريكي.

لم يستفد مسعود من دروس السياسيين الذين سبقوه في ميدان المجابهة والعناد ولاسيما من الذين يُصَنّفون في خانة التبعية والضعف .

على نارٍ هادئة كان الرد الأمريكي يُطبخ في أروقة مؤسسات صنع القرار ،لم يستنكروا ولم يشجبوا ولم يُدلوا بتصريحٍ معادٍ لمسعود….

كان هناك ماهو أدهى وأمرّ، كان الرد بليغا وحاسمًا جعلت البارزاني يتلَفّت فلا يرى سوى مشهد يضاهي مشهد قطعات العسكرية وهي تتسرب على غير هدى في كل اتجاه قبل تحرّك الجيش العراقي واستلام مواقعه في كركوك وباقي المناطق التي استولت عليها البيشمرگه في عام 2014 لتعيد له الصفعة التي طالما تبجح بها وهو يُشير في كل مناسبة الى انسحاب قطعات عسكرية امام بضعة مئات دفع بها داعش الى الموصل.

هدف أمريكا الأبعد توزيع الخراب على الواقع الجغـــــــرافي العراقي بالتساوي ولم يبق أمامها سوى الشـــمال العراقي الذي لم ينل نصيبه من التنفيذ ،وهي عازمة على تحقيقه بايدي الأكراد أنفسهم.

كان لمسعود حديث نفس ترددت اصداؤه في الإعلام قال فيه:

نخشى أن يُعيد الأمريكان فعلتهم ويتخلوا عنّا كما حصل في عام.1975

نعم فعلها الأمريكان وبنفس الأدوات ،فلا تلومَنّ يا مسعود الاّ نفسك والـ (لا) التي صدرت عنك.

مصطفى داود كاظم

مشاركة