جرّبوا إخوان مصر

جرّبوا إخوان مصر
أيمن الهاشمي
يحكم الاخوان المسلمون مصر للمرة الاولى في تاريخها، ومنذ تأسيس الجماعة عام 1929، وبعد فوز مرشحهم محمد مرسي بأغلبية اصوات الانتخابات الرئاسية التي اعلنت ألأحد. وطبقاً لما أعلنته اللجنة المشرفة العليا، فان مرسي الذي نافس الفريق أحمد شفيق في جولة الاعادة حصل على 13 مليونا و330 ألفا و113 صوتا بنسبة 51.47 بالمائة في مقابل حصول شفيق على اكثر من 12 مليون صوت بنسبة 48.27 بالمائة.
وبذلك تسدل مصر الستار على فصل ساخن جداً من تاريخها بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، فيما تخشى أوساط مصرية واسعة أن تُكلف هذه النتيجة البلاد كثيراً من انفتاحها وحريتها، وهو الأمر الذي أعرب عنه الاقباط المصريون الذين قالوا إنهم صوّتوا لصالح شفيق مكرهين. وقد عمَّت القاهرة والمدن المصرية مساء الأحد تظاهرات مليونية مرحبة بفوز مرسي، فيما شهدت شوارع مصر الجديدة تظاهرة مضادة لانصار شفيق. وكانت حالة الطوارئ القصوى قد فرضت بين القوات المسلحة والشرطة ونشرت وزارة الصحة المصرية 1800 سيارة اسعاف تحسبا لوقوع اصطدامات.
محمد مرسي أصبح أول اسلامي يتولى رئاسة احدى دول الربيع العربي، وقد عمّت الفرحة بفوزه معظم مدن مصر، بل وطالت غزة، حيث أطلقت الأعيرة النارية ابتهاجاً بفوز مرسي. وقبيل اعلان فوزه بدت شوارع كثيرة في القاهرة خالية تحسبا من وقوع اعمال عنف واغلقت المحال التجارية المطلة على ميدان التحرير ابوابها . وكان انصار مرسي قد احتلوا هذا الميدان الذي شهد شرارة اسقاط مبارك.
نهنئ المصريين بنجاح الدكتور محمد مرسي رئيساً لجمهورية مصر العربية ليكون أول رئيس مصري منتخب بعد ثورة مصر المجيدة، ونهنئهم بحسن إختيارهم له، لأنه الرجل المناسب في المكان المناسب، لما عُرف عنه من رجاحة عقل، وتوازن خلق، وكفاءة عالية، مع صدق وإخلاص في خدمة الوطن، والتفاني في القيام بالمهام التي توكل إليه، كما أنه صاحب مشروع النهضة للأمة، سائلين الله تعالى له التوفيق والسداد في أداء هذه المهمة الجديدة، وإنجاز مشروعه بالكامل. ونتمنى أن يكون محمد مرسي قدوة في أداء الأمانة، وتحقيق العدل والخير والتنمية الشاملة للبلاد، وأن يُساهم في إعادة مصر إلى موقعها الريادي إقليمياً ودولياً.
نناشد المصريين جميعاً على توحيد صفوفهم، وتجميع قواهم، وتقديم مصالح البلاد والشعب عامة على المصالح الحزبية، لأن البلاد بحاجة ماسة إلى تكاتف الأيدي ووحدة كل الأحزاب، وكل الشخصيات الوطنية قال تعالى إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص للمرور بها إلى بر الأمان والسلام، وتأسيس دستور جديد يعبر عن هوية الأمة، ويقطع كل مظاهر الاستبداد، ويؤسس للتعددية والحرية، وحماية الحقوق العامة والخاصة.
كما نطالب الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي إلى أن يقدر الثقة الغالية التي منحها إياه شعب مصر، ويعمل جاهدا على تقديم نموذج مشرف للإسلاميين عموما، يقطع نهائيا الصورة النمطية المخيفة التي فبركها اعداء مصر واعداء الحرية لتشويه الاسلاميين، التي حاول ولا يزال يحاول ترويجها البعض على الإسلاميين إذا وصلوا إلى الحكم، والتي وللأسف الشديد ساهمت بعض التجارب الخاطئة في تكريسها وإيجاد مبرر لها، وعلى كل من يناصر الدكتور مرسي من حزب الحرية والعدالة، ومن السلفيين والوسط وأبناء الثورة جميعا أن يقفوا هذا الموقف.
وفي الوقت الذي نبارك الشعب المصري العظيم بانتصار ثورته، وانتخاب مرسي رئيسا لمصر، وندعوهم البدء بمرحلة جديدة من العمل المشترك، وإلى مزيد من الوحدة والتكاتف والعمل على إنجاح بلادهم في عملية الانتقال الديمقراطي، والتحلي باليقظة والانتباه لكل المؤامرات والدسائس التي قد تحيكها قوى الظلم والردة التي غاظها هذا العرس الديمقراطي الكبير فتلجأ إلى التشويش عليه والعمل على إفشاله قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وقال تعالى ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم كما يدعو الشعب المصري جميعاً إلى مزيد شكر الله تعالى حيث قال سبحانه لئن شكرتم لأزيدنكم .
كما اننا نناشد الرئيس المنتخب ومن معه أن يعملوا على تقديم صورة حضارية مشرفة للإسلام، والمنهج الوسطي المعتدل، تبدد بها كل تلك التخوفات، وتثبت للداخل والخارج بأن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية هي أحزاب مدنية تؤمن بالتعددية والتداول السلمي على السلطة، ووطنية مهمومة بمشاكل بلدانها وتعمل ليلا ونهارا على النهوض بها، ورفع مستوى المواطن فيها في التعليم والصحة وكل مجالات العيش الكريم، وتحقيق التنمية الشاملة، والحضارة والتقدم، وأن يستفيد من الماضي.
نقول للمتوجسين خيفة من قادم الأيام في مصر العزيزة، ممن أثَّرت فيهم الدعايات المضادة وجعلتهم يتخوفون من تربع الاسلامين على سدة الحكم، نقول لا تبتئسوا ولا تخافوا، فمادام الشعب المصري قد إجتاز حاجز الخوف، ومادام هناك ميدان تحرير، فلن يستطيع حاكم مهما كان أن يسرق ثورة الشعب المصري، أو ينحرف بآمال المصريين أو يتاجر بمطاليبهم.. أمنحوا مرسي ومن معه فرصة ليثبتوا نواياهم ويطبقوا ما وعدوكم من إصلاح، فإن فعلوها فبها، وإن أخلفوا الوعد فلا حصانة لحاكم بعد اليوم من ثورة الشعب.
أسمى عبارات التهنئة، والتقدير للشعب المصري العظيم بنجاح هذه الانتخابات، بعد عقود من الزيف والدجل والخداع، أخَّـَرَت الشعب المصري، وأضاعت عليه فرصا، كان يمكنه بها أن يتقدم ويثبت وجوده. نهنئ الشعب المصري باختيار رئيسه، ونجاح تجربته الانتخابية، ونرجو دعم الرئيس المنتخب من أجل نجاح مشروعه، ونتمنى أن تتوجه كل الطاقات من أجل نهضة مصر، لتعود إلى دورها المنشود. ثقتنا عالية بشعب الحضارات شعب مصر.
/6/2012 Issue 4236 – Date 27 Azzaman International Newspape
جريدة الزمان الدولية العدد 4236 التاريخ 27»6»2012
AZP07