تصرفات عضوية موغلة في البلاد
تلك هي المسألة
كمال لطيف سالم
(تلك هي المسألة) عنوان مجموعة القاص عصام القدسي هذه المجموعة تؤدي إلى طرق عديدة وهي في نفس الوقت تؤدي إلى طريق واحد يحتاج إلى خبرة واحتراس وتسلح وحذر شديد لكيما نلجه ونتلفت ونحن نتعثر في كل الاتجاهات.. دروب تنتهكها العتمة والصمت، عالم قديم مهاجر سكنت فيه الترهات والأنين عالم نام على سطح راكد هامد لا يبان. في هذه المطارح الضيقة يصادفنا المعتوهون المنبوذين المجانين الهائمين في سماء أنفسهم.. أية محن تطرحها هذه القصص وسط ابطال وشخوص يمتازون بالغرائبية والسحر واتون من عالم الشعوذة قصص نسجها القاص من قماش عقل متدحرج فهي تارة ناسخة ومنسوخة تصدر عن خبل أو من رؤية داكنة حادة في قصة الغريم حكاية قط يبدو للزوج عاشق هائم بزوجته هكذا تستقر الفكرة في قعر وعيه.
القط يجلس بالقرب منهما، متظاهراً بالنعاس سألها عنه فقالت وهي تبتسم كطفلة رغم بلوغها الثلاثين.. تغار منه؟ قال بلهجة مازحة نعم انظري اليه كيف يتطلع إليك بشهوة عارمة.. قالت ضاحكة: إنه حبيبي حينما تتقد درجة القنوط واليأس والشعور بالحطة يصل الشك إلى سارب غريبة الزوج هنا يعيش في منقوع اهمال زوجته ولا مبالاتها فهي تهتم بالقط أكثر مما تهتم به وهنا يذهب به الشك الساذج إلى تخيل علاقة بعيدة المدى بين حيوان بريء وزوجة ساذجة ينصب الوهم شبكة عنكبوتية داخل عقل الزوج الذي يعيش أوهام وهواجس لا حصر لها القاص اقتنص هذه المفارقة بلغته وعالجها بأتقان واضح في قصة التاسعة مساء نجد انفسنا أمام زوجة تحذر من خدش مشاعر زوجها وتستسلم لكل ما يريده أو يفعله فهي تبرر كل شيء وتعطي جوابا لكل حدث صغر أم كبر.. فهي تعيش حالة خدر روتيني مميت إنه يذهب إلى النوم يدير ظهره لها.. منشغل في أوراقه وهي على توقيت الساعة تقوم بواجبها راضية مستسلمة هي تذكر المصادفة الرائعة التي جمعتهما حين تقدمت للعمل في مكتبه. كانت مهمتها الإهتمام بكل ما يتعلق بالمكتب. كان عملها يتطلب الحرص والإنتباه. قصة تحدث في كل زمان ومكان في مثل مئات الزيجات الفاشلة والرتيبة. وقصة الفار تجعلنا ننتبه إلى إختيار القاص لموضوعاته الغرائبية فهو يتصيد شخوصه وحكاياتهم ويبني عليها الفار شخص قميء قزم يتعرف عليه في المقهى ويقيم معه صداقة ويعرف أنه يعتزم طلاق زوجته ويكرر ذلك بطريقة عنترية كارتونية، وذات يوم ينقطع هذا القزم عن المجيء للمقهى فيبدأ البحث عنه حتى يعثر عليه في مكان مظلم قذر ويجده نائم على فراش مبلل ويلتقي بزوجته البدينة التي تشبه الغوريلا وهنا يجد المفارقة بين البالون والذبابة ومع ذلك يجد هذا الذي يعرف من زوجته تلك هي المسألة إنه فأري الحبيب هذا الفأر القابع في القذارة يؤكد له إنه لا يزال مصرأ على طلاق زوجته تلك هي المسألة وأظنه سؤال يطرح على قصص المجموعة.. نعم يتعرف على شخص يعرف إنه ممل وحديثه مقيت ويحاول في كل مرة التهرب من لقائه والوقوف معه ولكنه ذات مرة يلتقيه ومعه فتاة فائقة الجمال يعرف إنها أبنته وهنا يسقط صريع الهوى ويحاول التقرب من هذا المقيت ولكن بعد فوات الاوان إنها مصادفة وهي رديفة البخت ونقيضه. عناوين القصص المجنون، الوهم، طائر الليل، احلام عصفور، شيء من هذا القبيل، لا ادري لم ينسق الكاتب إلى موضوعات تمس الضعف البشري ولا يعطينا مثال واحد على فعل نبيل أو قصة تصب في لب الحياة وعمقها.. لماذا نقرع ابواب العتمة وندفر شبابيك السراديب المظلمة نعم ليكن ذلك ولكن ما هي المهمة الأساس في ضميره الأدب وما هو المصل الذي يمكن أن يتقبل الملتقي هل يعيش عتمة حياته وعتمة ما يلقاه في الحياة وما يشاهده أو يقرأه أظن أن الأمر عفوي ولكنه موغل في الإيلام وتلك هي ما نطلق عليه جوهر القضية؟



















