تغير القيم أرقام صادمة أم وقائع قادمة؟ – منقذ داغر

تغير القيم أرقام صادمة أم وقائع قادمة؟ – منقذ داغر

7: تبرير الانتحار

يُعد الانتحار سلوكاً محرماً في كل الاديان ومنها ديننا الاسلامي،فضلاً عن كونه سلوك ممقوت أجتماعياً ليس في العراق فحسب بل في كل دول العالم. لقد جعلت معدلات الانتحار المتصاعدة في السنوات الاخيرة من هذه الظاهرة أحدى المشكلات الاجتماعية والصحية التي يتم التركيز عليها وتجمع الاحصاءات عنها. ليس واضحاً للباحثين الى الان العلاقة بين الانتحار وبين كثير من العوامل الصحية والاقتصادية والنفسية بل وحتى الثقافية والدينية. فنجد دول تتمتع بتقدم اقتصادي وعلمي لكنها من بين أعلى الدول في معدلات الانتحار مثل كوريا الجنوبية التي سجلت عام 2019 حوالي29 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص،في حين ان دول مثل سوريا وافغانستان التي تعاني من مشاكل امنية واقتصادية لم تتجاوز فيها معدلات الانتحار سوى 2 و 4 حالة(على التوالي)لكل 100 الف شخص. قد يقول قائل ان السبب ديني،وهنا نجد دول مثل باربودا وباربادوس وكرينادا هي الاقل عالميا في معدلات الانتحار حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من ان معظم الدول التي سجلت معدلات عالية في الانتحار كانت اما دول فقيرة أو متوسطة الدخل الا ان العلاقة بين مستوى الدخل والانتحار غير ثابتة للآن بدليل ان بلجيكا هي من بين اعلى الدول انتحاراًفي العالم.

يشير تقرير منظمة الصحة العالمية WHO  الصادر عام 2021 ان العراق والحمد لله من بين الدول التي تسجل معدلات انتحار واطئة.فقد بلغت نسبة الانتحار حوالي 4 حالات لكل 100 الف نسمة عام 2016 وانخفضت في عام 2020 لتصبح 3.6 .مع ذلك كانت هناك زيادة في نسبة المنتحرين من الذكور من 4.7 الى 5.2 خلال نفس المدة. وبغض النظر عن الجدل حول مدى صحة هذه الارقام الا ان من الملاحظ أن حالات الانتحار التي تتم تغطيتها أعلامياً باتت أكثر وأن طرق الانتحار صارت اكثر أثارة،فهل يعكس ذلك اتجاهاً أجتماعياً معيناً؟ لست مختصاً في هذا الشأن كي استطيع الاجابة عن هذا التساؤل لكني سأعرض هنا كيف ينظر العراقيون لسلوك الانتحار. بما أن الانتحار سلوك مرفوض أجتماعياً وثقافياً ودينياً،وبما ان المجتمع العراقي هو من المجتمعات المحافظة فأن التغيير في آراء المجتمع تجاه هذه الظاهرة يعكس بعداً قيمياً واجتماعياً مهماً.

في عام 2014 بلغت نسبة من يبررون الانتحارمن العراقيين %7في حين رفضها %93لكن نسبة المبررين للانتحار قفزت عشر درجات لتصبح %17بعد عشر سنوات(2019) في حين تقلصت نسبة الرفض لتصل الى%83 كغيرها من القيم الاخلاقية التي تم استعراضها سابقاُ فأن نسبة الرفض لهذا السلوك المَرَضي لا زالت عالية،الا ان هذا التغيير في نسبة تبرير السلوك والقبول به تثير قلقاً من جهة وتعكس تغيراً واضحاً في منظومة القيم الاخلاقية العراقية. أتابع في الحلقات القادمة تتبعي لتغيير المنظومة الاخلاقية القيمية في المجتمع العراقي لاتناول بعض الظواهر السلوكية الحساسة الاخرى.

مشاركة