بيوتنا الهزيلة

بيوتنا الهزيلة

 

قد نكون ناقمين على الوضع المزري الذي طال مدينتنا، وقد يزداد في قلوبنا الحزن والبغض، لاننا نعيش في وطن ونحن قوتنا فيه غربة، اطفالٌ اعتادت اجسادهم على المرض والبؤس والحرمان، لم يكونوا يفقهوا مما يدور شيئا، ويظنون اننا رحلنا للديار ذاتها، يتسابقون خلف بيوتنا الهزيلة (خيمات)، فهي لاتقي من برد الشتاء، ولا قيظ الصيف.

تتسابق الايام مع أعمارنا، فلا مواس لنا سوى الله، هو مولانا الحق، واليه المشتكى، تئن اليه قلوبنا ليلا سرا وفي العلن، لقد طال الانتظار، ولم نجد منقذا لنا من كل ما نحن فيه، مياه اقتربت كثيرا ان تكون شراباً للدواب، وطعام اليوم قسم الى اسبوع، فكيف يكون لنا فرحة او نتذوق الحياة تحت هذا السقف من مرارة العيش.

وجوهنا باتت للناظر كاننا من الصومال، او من الغجر الذين انتبذتهم عشائرهم ولاذوا بمحافظات اخرى هرباً من الفضيحة والعار، تفترش الارض واجسادنا نفس الرداء، وقد نظم الجسد حرارته ليتناسب مع الفصول، فالغطاء هو ذات الغطاء، والاجساد هي الاجساد، والذي سيفنى هذه الايام، ليس اغلى مما فقدنا معه كرامتنا.

وضع اقل مايقال عنه انه مأساوي، جرد من كلمة حياة، ولابصيص لامل مطلقا، عتمة في عتمة، مرت السنون تلو الســـــــنين ولم يتغير شيئا اطلاقا، كل من جاء الينــــــا انهال علينا بوعودٍ كالمطر، التقط صوراً له بأوضاع يظــــــــنها بطولية، ليوهم الناس بانه عون المحتاجين والفقراء، ويجذب المشاعر ليس لنا اصحاب البلاء، وانـــما له لانه يظن في قرارة نفسه انه بطل مغوار، هي مرة شاهدناه بحلاوة لسانه، وغادرنا نحو كرسيه الجديد، متناسيا وفاء الوعود.

عواصف العوز

نفوس مكسورة، مصير مجهول، تتشابه الايام مع بعضها، قد تختلف قليلا لكن نحو الاسوأ، حينما يطرق بابنا المرض، او تهب علينا عواصف العوز، حينها سياكل الغم من اجسادنا واعمارنا الكثير، ولانجد ما نمضي لاجله الا حفنة ذكريات، عن ماض ٍ جميل، وامنيات تتشابك كالاغصان لتصنع فيئا لاحلامنا كي تستقر وتنام، بقيلولة نحتاج الى صحوتها بعد حين.

يتساقط على جباهنا غيث الصبر، ولانعلم اين سيكون مصبه ونهايته، متسائلين علنا نجد مناديل التعـــــــــويض تمسح عنا ذلك العناء، حرمان كالسيوف يقطع الاعـــــــــناق، لامهرب من ذلك العقاب، ولا عقاب بلا ذنوب، الا عقابنا وضع بلا ميزان، كيف تتساوى الجناة مع الضحايا،زمن العجب العجاب. احلام وردية ..نتأمل في غد افضل، نعود كبشر الى ديارنا، نعيـــــــش كافراد من هذا الوطن، ونطوي حينها هذه الصفحة بسوادها، لنبدأ مع من بقي من احبائنا صفحة اخرى، نحفظ دروس الماضي غيبا، ونمسك ارضنا بكلتا يدينا، فالاخطاء محملة بالعبر والدروس.

احمد جابر محمد

مشاركة