
فاتح عبد السلام
لا أظن أنّ المسألة تخص نقابة الصحفيين شبه الغائبة عن الملفات الساخنة والاستراتيجية، اذ هي أكبر بكثير، وتحتاج الى انفتاح المعالجة من اعلى الهرم السياسي والقضائي في العراق.
تلك المسألة مزدوجة في بندين، البند الأول، كفالة ضمان انسيابية المعلومات من أجهزة الدولة الى الوسائل الإعلامية الرصينة والمعتمدة.
أمّا البند الثاني فهو العمل على ضوابط أكثر صرامة في عدم تسهيل رفع الدعاوى ضد الصحافيين والإعلاميين وأجهزة الاعلام المحلية بسبب بث اخبار او وجهات نظر ترد من ضيوف البرامج او مقدميها.
هذان البندان ليسا مطلبين نقابيين او فئويين، وانما هما أبرز ما يمكن ان يكون من حصيلة عملية يشعر بها العراقي في العهد الجديد الذي تلا سقوط النظام السابق، فليست هناك ميزات وفضائل كثيرة اليوم نستطيع المفاضلة بها، ذلك انّ الأحزاب والشخصيات استنسخت الأخطاء والخطايا والبلد أرهق بالتردي العام والفساد وملف خدمي واحد لم ينجز بالكامل مثل الكهرباء أو القطاع الصحي.
والميزة الوحيدة التي تطوي عهود التكميم هي إطلاق حريات التعبير وجعل الأحزاب جميعها تصغي لصوت السلطة الرابعة، من دون استسهال رفع الدعاوي لإسكات هذا وذاك حين تكون الأخطاء السياسية تحت المجهر الاعلامي أو حين يضطر السياسي أن يسمع كلاماً مختلف عما يدور في حلقات التطبيل والتزمير التي تحيط به.
حرية تداول المعلومات موضوع كبير يحتاج الى مؤتمر يمثل عنواناً حقيقياً للانتقال الديمقراطي المجتمعي والسياسي، بما يجعل صناديق الاقتراع مجرد عتبة أولى على مدرجة عالية. ومن ثم تأتي التشريعات القانونية التي تكفل تفاصيل تداول المعلومات وحق الانسان العراقي في الاطلاع من المصادر الأساسية، وهو يوفر حماية ضمنية للمواطنين بدل الوقوع فريسة سهلة للشائعات والمعلومات المضللة التي تعود بالضرر على الحكم السياسي، فمثل هذا القانون هو حماية للدولة ايضاً.
وتظل المنغصات الخادشة لما يمنحه الدستور من حريات هي تلك تهديدات رفع الدعاوى على الإعلاميين وتنفيذ بعضها الى درجة المطالبة بإلقاء القبض وإبلاغ الانتربول وسوى ذلك استنادا الى تهم لا سند فيها سوى الكلام المعبر عن اراء مخالفة لبعض التوجهات السياسية تحت سقف الدستور وما يكفله.
fatihabdulsalam@hotmail.com
رئيس التحرير-الطبعة الدولية



















