بـزيـبـز‮ .. ‬يا بـزيـبـز – نصوص – سبتي‮ ‬الهيتي

بـزيـبـز .. يا بـزيـبـز – نصوص – سبتي الهيتي

أسفٌ عليك

تبيع أهلك ، أيها الجسد المهان .

وتعود من فرط الفجيعة

يستبد بك الزمان

أسف عليك ،

وأنت تقهرهم ، وترضى بالهوان

وتدين مجداً لن يُدان

لا بل تزلزل فيه ركناً

ليس أعلى منه ألا الشمس

في وضح النهار

        *    *    *

أسفٌ عليك

تذل نفسك ، ضائعا

وبلا مكان ،

تصحو فلا تجد الديار

وفي القفار

ترى وجوه الهاربين من الجحيم .

الى الجحيم بلا قرار

وأنت تنزف من جسوم الأبرياء دماً

ومن أعماق جرحك ، بأنتظار ..

الناس فوقك يعبرون

وقد تقوس من عناء

الدرب ، ظهرك

فأرتميت على الفرات

فتعلقت بك أعين الفقراء

توصلهم الى بر الأمان

واليوم أنت مع الهوان

بسياط من ظلموك

تجلدهم لكي ترضي الطغاة

وهم سبايا نازحون

معذبون  ،  ومرغمون

مستهدفون بغير ما ذنبٍ

ولا أثم عليه يطاردون

أسرى وقد تركوا مساكنهم

وهاموا في البلاد

كيما يلوذ فيك من زمر السواد

ومن الذئاب الصفر والفزع الغريب

و من سيوف الغدر في ايدي الغزاة

جاءوا لصدرك خائفين .   ليعبرون …

وأنت ترفض أن تراهم عابرين

*    *    *

أسفٌ عليك

وأنت تنزف منذ عام .

وسهام ظهرك لم تزل تدمى

فلم ينجدك

من غدر شآم

فصرت من فرط الفجيعة لا تنام

لتصد عن شرق البلاد

وغربها هول الغزاة

وانت تشهد ما يخربه الفساد

في بؤس من خذلتهم الألقاب والكلمات

وارتزقت بمحنهم جناة

فترى الحرائر ، والصبايا الباكيات

وأوجه الاطفال يابسة

من الدرب الطويل .

والرعب يفتك بالمسن وبالعليل

وبالجياع المعدمين

وأنت تمسح عن وجوه العابرين

دمعاً تحجر في العيون

من بعدما يبست ،

من العطش المهين .

أجفان كل التائهين بلا أمان

وكأنهم غرباء عندك ، ينظرون

لغمامة سوداء ، تملأها

البراميل القميئة بالدخان

يا أيها الجسد المهان

خسأ الزمان ،

أشراً يخبىء في مفاصله

الطواويس الهجينة والرعاة

لما طغى ظلماً على

كل الكرام النازحين

وعلى الحرائر و الأباة .

        *    *    *

أسف عليك .

وأنت تمسك خائفاً كالسندباد

بيديك في حبل النجاة

ومن سينفع عندما ،

يتمسك الناجون في حلم المعاد ؟

وقد تقطعت الدروب

وراح كلٌّ في سبات ،

ومن سينفع حين تخسر موطناً ؟

حراً ، وتقنع بالحياة

لا شيء بعد الموت

ينفع حين تستعصي الحياة

وحين يسلبك المرابون العتاة

بالغصب حقك بالحياة و بالممات

وحق عينك بالجمال

وحق سمعك بالغناء

وبكل ما تهدي البلابل للغصون

        *    *    *

أسفٌ عليك ..

على مصابك أيها الجسد الجريح

أسفٌ ، ولن يحمي لك الأبناء

ظهرك في الشمال

أو الجنوب

و لا تطوع من يصد الموت عنك

وأنت تأوي النازحين

الهاربين من الذئاب

وكنت تحملهم على كتفيك

تعبر ماشياً

كالخضر فوق الماء

مزهواً ، ولا أحد يراك

وقد غفوت

على الطريق الصعب ،

فأرتعشت خطاك .

وأنت تحرس من تنام

بلا غطاء من النساء

وقد هربن من الهوان

الى الهوان .

في ليلة سوداء في الانبار

أفزعت المجرة في السماء

وأحرقت فيها البيوت

فخرجن كالعميان في طلب النجاة

بلا مغيث أو معيل

يحملن فوق الرأس والأكتاف

أطفالاً بظلك بائسين

وخائفين من الرصاص يصيبهم

عمداً ،  ومن ذل الشتات .

        *    *    *

أسفٌ عليك  ،

يضيع أهلك في  الشتات

مهجرين ومرغمين ،

وهل ستنكرهم

وقد لجأوا اليك ؟

فما قبلت لهم رجاء

ولا سمعت لهم نداء

ولا أعنت مريضهم

يهذي وليس له دواء .

يا ويح بابل .

حين تسمع ما فعلت

وأنت معتصم بحبل الله .

لم تفعل ببغداد الجريحة

مثل ما فعل المغول .

لكن حقك ، أن أقول :

أني رأيت النخل

يمشي فوق ظهرك

عابراً كالنازحين  !!

وشهدت  .

في تلك الظهيرة ،

كيف يبكي الصابرون  !!