بصيص أمل جريء

بصيص أمل جريء

زمن المطالعة المدفونة

من حضارة وادي الرافدين خطت الشعوب اول مخطوطاتها على (الالواح الطينية) التي كانت المادة الرئيسة في التدوين وباشكال متعددة  منها النصوص وما للحضارة من دور فعال في جمع وتسلسل وفهرسة النصوص وتوزيعها بعدة الواح حفظت بنظام (الفهرسة والتصنيف).

من تلك الحضارات العريقة  انبثقت الشعلة الاولى للتدوين  من ارض العراق المعطاء  ثم بدء البشر بتداول اللغة المكتوبة كطريقة للتعبير والتواصل. وما ان حل الاسلام حتى اثر وبقوة على وحدة الكلمة الصريحة بأهمية القراءة من اجل الاستمرار بالدعوة الاسلامية وحفظ تعاليمها في بطون الكتب بالنزول اول كلمة   في القران الكريم على نبينا محمد (ص) وهي كلمة …. اقرأ  وكانت قاعدة الانطلاق الأساسية لذا جاء الاسلام ضرورة في ادخال الدين بحضارات الشعوب الأخرى. من هنا اصبحت الحاجة الملحة في ترجمة الكتب وتحريرها  ودخول عالم التوثيق والتدوين  وصولا الى اللغة المكتوبة  (حيث كان خير جليس الكتاب).

يندرج الكلام هنا في اطار عام حول العلاقة بين زائر المكتبة وبين خير جليس (الكتاب) والأسباب العديدة التي قوضت تلك العلاقة الطيبة .فالمتأمل في واقع المكتبة بدء من قسم الإعارة الدوريات الاطاريح وصولا الى قسم الاسترجاع الالي وانتهاء بقسم الانترنت  يلمس لحظة دخوله المكتبة… قاعات شبه مهجورة  وكتب لم تستعر منذ سنين خلت حط عليها الغبار حبيسة الرفوف تنتظر من سيكتشفها بحثا عن المعرفة الذي يتأمل ان تكتشف كنوزه وأسراره .

فكل كلمة في الكتاب تستوقفنا الى عالم من فضاءات ارحب  من الامتاع  فالكتب تصنع التفكير وتخلق الوعي وتحرض على اقتحام اسوار النقد والتدبر والإنتاج الثقافي والحضاري .

فبالنسبة لقسم الاعارة في المكتبة يشير الى ان نسبا لا باس بها من المستفيدين يلجأون  الى البحث عن العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والفيزياء وعلوم الحياة . من جانب اخر هناك قلة واضحة في البحث في العلوم الاخرى خاصة الطبية منها ويعود السبب الى اكتافئهم بالبحث عنها في مكتبتهم الكائنة في مدينة الطب . اما اغلبية الباحثين من طلبة الدراسات العليا فيلجأون الى الانترنت للبحث عن كلما هو مستحدث من المصادر والاختصاصات المتنوعة  وبسهولة فائقة في عالم السرعة الالكترونية والاتصالات الفضائية. اما ما يختص بقسم الدوريات وحسب الاحصائيات التي يشير لها القسم والتي تتعلق بطلبة الدراسات العليا بدراستي الدكتوراه والماجستير فقد بدأ العد بالتناقص في البحث في تلك الدوريات ولأسباب عديدة منها :

{ ندرة ورود الدوريات الحديثة الى قسم المكتبة.

{ سهولة التراسل بالمشاركة ابتداء بالطرود البريدية ووصولا الى التراسل عبر الانترنت مشمولة بذلك الكتب العربية والأجنبية

{ حصول المستفيد على مصادر متنوعة من خارج القطر بعد ان تيسرت الحدود بين دول الحوار بذات الوقت استفادت المؤسسات الجامعية من الانفتاح الواسع حيث وصلت الى جامعات القطر مصادر حديثة كل حسب اختصاصه وتوجه الاهتمام الى المكتبات الخاصة وتطويرها وإدخال النظم الرقمية الحديثة .

مع ذلك ثمة ما يدعو للقلق وراء عزوف الكثيرين عن المطالعة ولأسباب منها .

{ عدم معرفة القراءة وفضلها / فالإنسان عدو ما جهل.

{ ضعف الطموح والانغماس في التوافه .

ولو عرف كلا منا ان القراءة ترفع القارئ الى المقامات العليا  وتنمية العقل  وتجميد الذهن  وتصفية الخواطر ووسيلة للاستفادة من تجارب الاخرين وحكمة الحكماء  واستنباط العلماء بقوله:

بسم الله الرحمن الرحيم

(( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات….)) صدق الله العظيم

في كل الاحوال وبغض النظر عن المسببات  يحدونا الامل بان يعود روادنا شبابنا وشاباتنا الى دار معرفتهم…. مكتبتنا والى جليسهم الكتاب.

وكلنا ثقة بان بصيص الامل في عنواننا الجريء شعلة تنير طريق اجيالنا.

شذى عبد الله حسين – بغداد