
فك التشفير
اليك نشكو ياسيد الشهداء والمظلومين – ياس خضير البياتي
ليس عبثاً قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حقِّ الحسين (عليه السلام): (إِنَّ لَهُ دَرجة لا يَنَالُها أحدٌ مِن المَخلوقِين)، وان (حسين مني وانا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط)، لأن الحسين كان رمزا للفداء والشجاعة والشهادة في سبيل الحق، وكانت واقعة كربلاء، واحداث الظهيرة في العاشر من محرم تشكل ملحمة تاريخية للنسغ الحسيني، وسطوع للقضية واستفزازا للشعور والوجدان ،ومعجما للأفكار، وثورة ضد الظلم والفساد، ورمزا رائعا لتحدي طغاة الأرض، وقوة ونبل الرسالة التي رفعها ضد سراق السلطة، ورمزا للمظلومية، وتجسيدا للشجاعة المعطرة برياحين الشهامة والتضحية والعدالة .لهذا بقيت واقعة عاشور ،رغم قدمها، حاضرة اليوم بقوة في تاريخنا الحديث ،كقضية ورمز ابدي ،يستلهم منها المظلومون شجاعتهم في التصدي لقوى الشر والفساد، مثلما يستلهم منها الشعراء والادباء والفنانون افكارالقيم والإنسانية ،ليوظفوها في معالجة المشاكل الراهنة ،لتصبح هوية ثقافية وإنسانية طابعها التثوير ضد الظلم والقهر والطغيان ،وتصبح نموذجا معاصرا للتضحية والفداء وانبل ثورة من ثورات التاريخ،وانما كرمز كبير. حينما استقرت الرماح في جسم الحسين، وازّيّنت بجسد الحسين، وداست الخيول كل نقطة في جسد الحسين، واستلبتْ، وقسمت ملابس الحسين، رأيت كل حجر يحنو على الحسين، رأيت كل زهرة تنام عند كتف الحسين، رأيت كل نهر يسير في جنازة الحسين لا تقل لي ان الحسين الرمز، هو فكرة دينية فقط، نمارسها أحيانا بنفاق، وليس طقسا نمارسه، وقولا نمجده فقط، وانما هو رسالة لها معنى في الحياة، هو حضارة نستقي منها إنسانية الانسان، وعدالة الأرض وقيمها السماوية، هو درس لمن في الأرض يتعلم منها ابجديات الحكم العادل والصدق مع الرعية، ونزاهة اليد، وعفة الموقف واللسان والنزاهة والإصلاح، هو سيد الشهداء الذي علم البشر شجاعة الموقف والتضحية والايثار من اجل انتصار الحق، رغم اننا نتجرع مرارة مظلوميته كل يوم، ونشرب من كأس شهادته. وهو القائل (لو أنّ العالِمَ كلّ ما قال أحْسَنَ وأصابَ لأوشك أن يجنّ من العُجْبِ، وإنّما العالِمُ مَن يكثرُ صَوابُه). اليس الحسين الثائر، كان ضد ظلم وفساد وعصبية القوم، وهو الذي رفع بشهادته قيم الخير والعدل والإصلاح، وصنع لنا مجدا للشهادة النظيفة وأيقونة للحياة الفاضلة، وهو أبو الفقراء الزاهد الشجاع الذي أسس لنا منهجا حسينيا لقيم الخير والشهامة ومعجما للثوار في العالم يستلهمون منه مبادئ الإرادة والصمود والتضحية، ولو عددنا ما قيل عنه كرمز من قبل السياسيين والمفكرين والثوار لملئنا مئات الصفحات، لكننا اكتفي بثائر عالمي واحد تأثر بشخصية الإمام الحسين ثائراً حقيقياً، وهو الثائر غاندي الذي قال عن الحسين: إذا أرادت الهند أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالحسين، فقد علّمني الحسين كيف أكون مظلوماً، فأنتصر!
رمز المظلوم
يا ابا عبد الله، نشكو اليك اليوم، ونحن نحتفل باستشهادك كرمز للمظلومين، ما آلت إليه أحوال البلاد والخلق، وفقر حال العراق، ودماره، وسرقة أمواله من الذين يدعون انصارك ومريدك زورا، لأنهم شوهوا الق الشهادة وجمالها، وعنفوان المجد والفداء، بل يريدون بأفعالهم أن يصنعوا لنا عاشوراء جديدة ليطفئوا نور العراق. يا ابا عبد الله، نشكو اليك، ضعفنا أمام من استقووا على صمتنا ورضانا، وعجزنا عن اتخاذ القرارات لأننا لا نمتلك الخيارات، وهو ان أمرنا على أولياء أمرنا، ونشكو إليك من أفقرونا واغتنوا من فقرنا، ومن ذهبت إليهم أموالنا. ونشكو لك أيامنا العصية ومصيرنا الغامض. ونشكو اليك ظلم القريب والبعيد، وفساد الأحزاب الدينية الحسينية التي ظلمت أهلها، وانشغلت بالسلطة والمال والجاه، وسرقت منا اموالنا وزكاتنا واحلامنا، وباعوا لنا الصبر بأبخس الاثمان دون خوف من قيمك، وانتظرنا الثمار، فلم نحصد الا الصبر والذل، وانت القائل لله (منك أطلُبُ الوصول إليك وبك استدلُّ عليك فاهدني بنورك إليك وأقمني بصدْق العبودّية بين يديك).
سيد الشهداء
ياسيد الشهداء، نشكو اليك أيضا أفعال البرلمان وفسادهم، وافعال من يحكموننا بالفساد، ودمنا المسفوح على أراضينا وتشريد أهلنا في شتات الوطن والعالم، وغياب العدالة والحق، وفقر الطوائف والأديان، وظلمة البلاد، وعطش العباد، ونشكو إليك مدارسنا ومستشفياتنا وشوارعنا وملاعبنا وجامعاتنا ومؤسساتنا.والسؤال: هل تعلمنا الدرس الحسيني، وهل انعكس شيء من اشراقات الحسين (ع) وروحه في نفوس الذين يهتفون باسمه ليل نهار من السياسيين، ويحتفلون بذكراه، وينصبون لها السرادقات، ويقيمون لها الحفلات، وينفقون عليها الالوف؟ وهل يطبقون مقولة الامام الحسين: إنما خَرجتُ لطلب الإصلاحِ في أمة جـدِّي…. الى منهج للإصلاح؟ وهو القائل أيضا (لا يكمل العقلُ إلاّ باتّباع الحق) أم ان الذي يجري في العراق الحزين هو كربلاء جديدة بمعانيها ودلالاتها من حيث الظلم والقتل والفساد؟ ياحسين الخالد في رسالتك الحسينية، ومبادئك السامية، نطلب منك نحن المظلومين بظلم من نافق بحبك، وخذلك بالفساد، ونهب الثروات باسمك، ان تكون لنا عونا ووسيطا عند الله ورسوله لرفع المقت والغضب والبرلمان والحكومة عنا. يا أرحم الراحمين.


















