لميعة عباس عمارة وتغيير العمق العاطفي للجملة الشعرية
النسيج النصي القريب من الرهبنة
علوان السلمان
لعبدالرزاق عبدالواحد:
ويالميعـــــــــة يا ازهى بــيـادرها
يازرع بيتي وياقنديل جــــــيراني
يا اطول النخل في ميسان اجمعها
ويا اعز الحلا في تمــــــر ميسان
ترى أأ نبأك الـــــــــــعراف ليلتها
انا سنصبح فــــــي الستين سـيان؟
انا هنا بين اهلي شبه مغــــــتـرب
وانت فرد بلا اهــــــــــــل واوطـان
وفي حوار منولوجي شعري لها…
قد لا اكون شاعرا كبيرا
ولكنني..
ما كنت يوما انسانا صغيرا
فهي الشاعرة الرومانسية الحالمة التي حدد مواصفاتها بايجاز المستعرب الفرنسي البروفسور(جاك بريفير)..لميعة (شاعرة الرقة والجمال والانوثة التي لا تنتهي..)..فهي تقترب من نسيج مدرسة ابولو من جهة وجماعة الديوان من جهة اخرى..بعد ان عاشرها الشعر وهجا متقدا لم تنطفئ جذوته ابتداء من (الزاوية الخالية1959 /عودة الربيع 1962/اغاني عشتار 1969/عراقية 1971/يسمونه الحب 1972/لو انبأني العراف 1980/البعد الاخير في غربتها وديوان شعر شعبي يتيم(النهر)..) وكل هذا النتاج يكشف عن ملمحين اساسيين فرضا وجودهما على شعريتها:اولهما التعبير عن انوثتها..
لماذا يحط المساء
حزينا على نظرتي الحائرة
وفي القرب اكثر من معجب
واني اكثر من قادرة
انا طائر الحب
كيف اختصرت سمائي
بنظرتك الاسرة؟
وثانيهما الانتماء الوطني المشرئب في تلابيب وجدها كتعبير عن الارتباط الروحي والعمق الحضاري..
وان قلت بغداد اعني العراق الحبيب
بلادي باقصى قراها
من الموصل النرجسية ام الربيعين
والزاب يجلو حصاها
الى البصرة الصامدين نخيلا
تشبث من ازل في ثراها
واسكنت نفسي اقصى البعيد
وقلت غبار السنين علاها
فما نستني عيون النخيل
ولا القلب والله يوما سلاها
فالوعي الحسي في النص يتفاعل والذات الشاعرة بعمق ايحائي..فضلا عن الجمال اللغوي والايقاعي..وكل هذه شكلت عناصرا فاعلة ميزت ابعادها النصية وفكرها الانساني..اضافة الى تحقيقها التغيير في العمق العاطفي للجملة الشعرية..فاثارت فيها تدفقا رومانسيا نوعيا..
احتاج اليك حبيبي الليلة
فالليلة روحي فرس وحشية
جسدي لا يحتمل الوجد
ولا انوي ان اصبح رابعة العدوية
فالشاعرة تعتمد النسق الذاتي في منجزها الشعري الذي شكل تخريجا انفعاليا وحقلا تخييليا جاء كرد فعل لموقف..
تدخنين …لا
اتشربين…لا
اترقصين…لا
ما انت ؟جمع لا
انا التي تراني
كل خمول الشرق في ارداني
فما الذي يشد رجليك الى مكاني..
فالنص عندها يشكل كتلة من لا..كونها امراة حالمة..متمردة على دالات الترف والبعد عن الواقع..باعتماد لغة شعرية تعمل على اثارة الافكار والتساؤلات والانفعالات والمواقف..فتعتمد بنية شعرية حيوية لا تعرف السكون بقبولها التنوع والتغيير بالاجناس الشعرية كون اسلوبها يتمثل في ادراك المشاعر المتقدة بداخلها والتاثير بفعلها على الاخر..فهي ترتب جملها الشعرية المعنوية وفق سماتها الدلالية ومشاعرها الحسية المتوهجة داخل ذاتها..كونها محكومة بطقوس دلالية وصور متتابعة تجعل متلقيها يتماهى معها ويتفاعل ومناخاتها وانسيابية ايقاعها..
أهكذا تمضي حياتي سدى
أ هكذا تدفن آمالي
أهكذا يقطع ما بيننا
هذا الستار القائم البالي
فالشاعرة التي تعمدت بمياه الفرات وارتوت من مياه دجلة وما بينهما شيدت معبدها الشعري ورسمت صورة المراة الرافضة لواقع يحاول وأد الذات النسوية المبدعة..فهي تقتنص اللحظة الاشارية والاستعارة اللفظية المختزلة التي تمنح النص بعدا دراميا وشحنة جمالية حتى انها تدس نفسها داخل النص من خلال محاورة الذات..
لو انباني العراف
ان حبيبي في الليل الثلجي
سياتيني بيديه الشمس
لم تجمد رئتاي
ولم تكبر في عيني هموم الامس
فالشاعرة عبر مشاهدها السينارستية المستحضرة من احضان الذاكرة والحمولات الرمزية التي تكشف عن قدرتها على استخدام الانساق الحسية المشبعة بارهاصات الواقع..فضلا عن انها تحيل المفردات الى دلالات تعتمد الموروث الشعبي الحكائي في صياغة المعاني..فـ (العراف) بتكرار جملته كلازمة للتنبيه صار رمزا بدلالته المستلة من الواقع الشعبي وظفته الشاعرة بصفته ذاتها من اجل المحافظة على المعاني ودقة دلالاتها..
يعلم الله انني اتعذب
رهبة من مشاعري اترهب
لا تقل لي (احب) هذا بعينيك اشتهاء
ونزوة سوف تذهب
لست ايوب
لن تطيق وصالي
هو شيء من الخرافة اقرب
ان تراني وحشية التوق للحب
وتبقى معي الرفيق المهذب
ابعد الشعلتين ـ كفيك ـ عني
لا تلامس هذا الكيان المتعب
انا رهينة الديرين
انساني الحرمان جسمي
ولذتي ان اصلب
فالنسيج النصي يقترب من حياة الرهبنة..لذا فهي ترسم تلك العلاقة الارتجاعية بينها والمعري وتذهب الى شعرية الصورة..فضلا عن انها تحاول توظيف الرمز مع الدال الاجتماعي لتصوير انعكاسه على ذاتها وواقعها الذي تخوض غماره وتقديم نص يتسم بعمق الدلالة من خلال محاولتها هندسته وتقديم صورة شعرية درامية تحوله الى (ميتا شعري) يتامل نفسه قبل ان يؤسس لرؤية المحيط المادي او الميثولوجي..هذا يعني ان الشاعرة امتلكت مساحة من التميز امتدت على مساحة خارطة الشعر بعمومياته وصوره..فكانت واحدة من شاعرات الحداثة الشعرية بخروجها عن المالوف والقوالب الجاهزة مع اعتماد اطر تكنيكية فنية تاتي في مقدمتها المفارقة الحسية..
وتمطى العنق بين جفونك
فاحتضن ايهن شئت
تجدني
انا كل النساء طوع يمينك
فالشاعرة تحاول استفزاز الرجولة وتحقق وصف الشاعر السوري شوقي بغدادي لها(شاعرة الرجال)حتى انها تفصح عن الغائب الحاضر حبيبا او ابا..
عد لي صديقا..اخا..طفلا ادللـــــــــه
عد لي الحبيب الذي كم جد في طلبي
عد سيدي تلك دون الشمس منزلـــة
احلى المناداة عندي سيدي وابـــــي



















